تنتشر للأسف مجموعة من الجهلة يسمون أنفسهم “القرآنيون”، يطعنون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكذّبون بما جاء به صلى الله عليه وسلم، ويُغطون ضلالاتهم بقولهم نحن نؤمن بالقرآن فقط أما الحديث فما يدرينا هل صدق أم هو كذب؛ وكلامهم هذا وسيلة لتكذيب القرآن الكريم لأن الصحابة الكرام الذين نقلوا لنا أحاديثه صلى الله عليه وسلم هم أنفسهم من نقلوا إلينا ما جاء في كتاب الله من الذكر الحكيم، فلئن خوّنوهم في نقل الحديث فهذا معناه تخوينهم في نقل آيات كتاب الله تعالى، وهذا باطل من القول والعياذ بالله، فكل الصحابة عدول من حيث الرواية كما نصّ على ذلك الحافظ العلائي، ليس فيهم من يُتهم في الكذب على صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم.
فمن ينكر السنة أو حجّيتها ويفسر القرآن على هواه خارجاً من نطاق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما نقله الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فهو كافر خارج من دين الإسلام، وكذلك من يعتقد في الصلوات الخمس خلاف ما هي عليه في الهيئة من قيام ثم ركوع ثم سجود وعدد ركعات كل منها يزعمون أنها ليست في القرآن، فهو ضال كافر، ومن كان كذلك فيجب نصحه ليتشهد، وإن لم يقبل فيجب القيام بواجب التحذير منه وبيان الحق للناس في شأنه.
فمن وقع في التأثر بالفرقة التي تسمى بـ”القرآنيين” واعتقد ما يعتقدونه من إنكار السنة ورفض الاحتجاج بها، إضافة إلى ما ذكر عنهم من تفسير القرآن بالهوى والرأي من غير الرجوع إلى صاحب الشريعة، والتحكم في فرائض الله تعالى بلا حجة شرعية ولا بينة دينية صحيحة، فإن هذا والعياذ بالله تعالى ضلال مبين، فمن كان يؤمن بالقرآن فلا بد من أن يؤمن بالسنة لأن الله تعالى يقول: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا” (الحشر، 7) ويقول سبحانه: “مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ” (النساء، 80) ويقول عز وجل: “وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” (النحل، 44).
ومن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن هؤلاء، فقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا إني أوتيت الكتاب (القرآن) ومثله معه (السنة)، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه”.
ومن الأدلة الكثير على وجوب اتباع الرسول في ما جاء به صلى الله عليه وسلم وحجية سنته الشريفة قول الله تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الحشر، 7)
وقوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً” (الأحزاب، 36)
وقوله تعالى: “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون”َ. (النور، 52)
وقوله تعالى: “وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُون”َ. (النور، 47 و48)
وقوله تعالى: “فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”. (النساء، 65)
فالحذر الحذر من هذه الجماعات تسمي نفسها “القرآنيون”، وبعضهم لا يعرف اللغة العربية ومع ذلك يتجرأون على كتاب الله تعالى بالباطل لإفساد عقائد المسلمين، فليحذروا الحذر الشديد.
وأما حديث مسلم: “لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه” فالمراد به حالات مخصوصة خشية ان يختلط القرآن بالسنة، وذلك عند من لم يقل ان العمل بهذا الحديث منسوخ، وقال بعض العلماء هو منسوخ بأحاديث جواز الكتابة. وقد اجمع المسلمون علی جواز ذلك بلا خلاف، كما ذكر النووي في شرحه علی مسلم. الدعاء لكاتبه وناشره ختم الله لنا بخير، آمين