من نفيس نصائح السيد الكبير والعلم الشهير سيدي احمد الرفاعي رضي الله عنه قال:
أيها السالك، إياك ورؤية النفس، إياك والغرور، إياك والكبر، فإن كل ذلك مهلك. ما دخل ساحة القرب من استصغر الناس واستعظم نفسه. من أنا ومن أنت!
أي أخي، كل واحد منا مسيكين، أوله مضغة وآخره جيفة. شرف هذا العرض جوهر العقل. العقل ما عقل النفس وأوقفها عند حدها. فإذا لم يكن عقل المرء عاقلا لنفسه موقفا لها عند حدها في أخذها وردها، فليس بعقل. وإذا حرم المرء الجوهر ذهب شرفه وبقي عرضا ثقيلا كثيفا لا يليق لمرتبة عزيزة ولا لمنصب نفيس.
وإذا تم عقله وكمل صار الحكم فيه للجوهر المحض فصلح أن يكون على تيجان الملوك والأكاسرة.
وأول مراتب العقل الانخلاع عن الأنانية الكاذبة والدعوى الباطلة. وإذا حكمه المقام وصار صفة عليه أيضا، فاللازم عليه أن يعرف مبتدأه الطيني ومنتهاه الترابي،
وأن يقف بين هذه البداءة والنهاية بما يناسبهما من قول وفعل لأن واعظ الله في قلب كل رجل مسلم.
من لم يكن له من نفسه واعظ لم تنفعه المواعظ. كيف ينتفع بالموعظة من كان قلبه غافلا.
قال سهل رضي الله تعالى عنه: الغفلة سواد القلب.
وقال السيد الأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلحَتْ صَلحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ”. انتهی.
والحديث رواه البخاري ومسلم وهو بفتح لام صلحت وصلح بالفتح، وتضم (اي اللام) في المضارع (يصلح)، قاله ابن حجر في شرح البخاري.
ولدی ابن ماجه رواية بضم اللام في الموضعين وهو قول الفراء ان لام صلح تضم في الماضي.
وسهل هو سهل بن عبد الله التستري توفي سنة 283 رضي الله عنه، وهو من أصحاب ذي النون المصري القائل: مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك. ومعنی كلامه رضي الله عنه ان الله منزه عن مشابهة المخلوقات، سبحانه موجود بلا كيف ولا مكان، هكذا قال السلف الصالح رضي الله عنهم.