أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا (8)

Arabic Text By Jul 06, 2015

 

أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا (8)

 

وَمِمَّا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ (شَاءَ الْقَدَرُ) أَو (شاءَتِ الأَقْدَارُ) وَذَلِكَ لأَنَّ الْقَدَرَ لا يُوصَفُ بِالْمَشِيئَةِ إِنَّمَا اللهُ هُوَ الذِي يُوصَفُ بِالْمَشِيئَةِ الأَزَلِيَّةِ الَّتي يُخَصِّصُ بِهَا الْحَادِثَاتِ أَي الْمَخْلُوقَاتِ على حَسَبِ عِلْمِهِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهَا وَكَيْفِيَّاتُهَا وَمَا يَلْحَقُهَا مِنَ التَّغَيُّرِ،

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم “مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُن”.

 

 

وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ (شَاءَ الْحَظُّ) أَوْ (شاءَتِ الظُّرُوفُ) أَوْ (شَاءَتِ الصُّدَفُ) قَالَ اللهُ تعالى

 

“وَمَا تَشَاءونَ إِلا أَنْ يشَاءَ اللهُ رَبُّ العالَمين”.

 

 

كَمَا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ ( قَدَرٌ أَحْمَقُ ) فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكَلامِ الْبَشِعِ وَمَنْ أَرَادَ بِذَلِكَ قَدَرَ اللهِ الَّذي هُوَ صِفَتُهُ فَقَدْ كَفَرَ، قَالَ اللهُ تعالى “إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر”.

 

 

وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ (نَحْنُ نَصْنَعُ قَدَرَنَا بِأيْدِينَا) فَإِنَّ هَذَا مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ صَلى اللهُ عليه وسلم “كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ” وَالْعَجْزُ هُوَ الْغَبَاءُ وَالْكَيْسُ الذَّكَاءُ.

 

 

وَيَجِبُ التَّحْذيرُ مِنْ قَوْلِ أَبُي القَاسِمِ الشَّابِيّ ( إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الْحَيَاةَ *** فلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَدَر) لأَنَّ هَذَا مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ تعالى “وَمَا تَشَاءونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ” وَلِقَوْلِهِ تعالى “وَخَلَقَ كُلَّ شَىءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا” وَلِقَوْلِ الإِمَامِ أَبي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ عَنِ اللهِ تعالى في عَقِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ الَّتي ذَكَرَ في أَوَّلِهَا أَنَّهَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ

 

“غَلَبَتْ مَشِيئَتُهُ الْمَشِيئاتِ كُلَّهَا لا مَشِيئَةَ لِلْعِبَادِ إِلا مَا شَاءَ لَهُم”.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ (الْجَنَّة بِدون ناس لا تُدَاس) لأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تُنَافي أَنَّ الْجَنَّةَ دَارُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ دَائِمٍ لا يَدْخُلُهُ مَلَلٌ وَلا انْقِطَاعٌ وَلا اسْتِيحَاشٌ وَلَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيها لا يَسْتَوْحِشُ لأَنَّ مَنْ دَخَلَهَا لا يَحْصُلُ لَهُ وَحْشَةٌ وَلا هَمٌّ وَلا غَمٌّ إِلى الأَبَدِ.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ قَوْلُ (لَيْسَ في الإمْكَانِ أَبْدَعُ مِمَّا كَان) لأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَفْهَمُ مِنْهَا بَعْضُ الْجُهَّالِ أَنَّ اللهَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُقَ أَحْسَنَ مِمَّا خَلَقَهُ وَهَذَا فيهِ نِسْبَةُ الْعَجْزِ إِلى اللهِ.

 

 

وَيَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ (اللهُ خَلَقَ فُلانًا وَكَسَرَ القالِب) فَمَنْ كَانَ يَفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ اللهَ بَعْدَ خَلْقِهِ لِهَذَا الإنْسَانِ صَارَ عَاجِزًا عَنْ خَلْقِ مِثْلِهِ كَفَرَ

 

أَمَّا مَنْ كَانَ يَفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ اللهَ خَلَقَ هَذَا الإنْسَانَ وَلَمْ يَشَأ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ فلا يَكْفُرُ لَكِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لا تَجُوزُ.

 

 

وَيَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ ( يَخْلُقُ أَخَّيْنِ وَلا يَخْلُقُ طَبْعَيْن) فَإِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ شَنِيعِ الْكَلامِ وَمَنْ كَانَ يَفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ اللهَ يَعْجِزُ عَنْ خَلْقِ طَبْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَفَرَ.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ تَحْذِيرًا بَالِغًا قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ (لا يَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ للوَفَاةِ أَنْ تُكَلِّمَ الأَجَانِبَ أَوْ أَنْ يَرَاهَا الأجانِبُ أَوْ أَنْ تَجْلِسَ في شُرْفَةِ الْبَيْتِ) وَهَذَا الْكَلامُ مِنَ الكُفْرِ لأَنَّ هذا لَيْسَ مِمَّا فَرَضَ اللهُ على الْمُعْتَدَّةِ، بَلِ انْعَقَدَ الإجْمَاعُ على جَوازِ أَنْ تُكَلِّمَ القَريبَ وَالأجْنَبِيَّ وَأَنْ يَرَاها وتَرَى غَيْرَ الْمَحَارِمِ وَقَدْ ثَبَتَ بِإِسْنَادٍ صَحيحٍ ما أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ حصَلَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابِيَّاتِ أَنْ تَكَلَّمَتْ مَعَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتْ مُعْتَدَّةً عِدَّةَ وَفَاةٍ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حَديثَهَا مَعَهُ.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ ( اللهُ لا يَسْتطيع كَذَا) وَقُولُهُمْ ( اللهُ لا يَقْدِر على فُلان) فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ للهِ بِالْعَجْزِ وَهُوَ مِنْ أَشْنَعِ الكُفُر قَالَ اللهُ تعالى “وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىءٍ قَدير”.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ التَّحذيرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ في بِلادِ الشَّامِ (فُلانٌ عِنْدَهُ الْغَلْطَة بِكَفْرَة) فَإِنَّ هَذِهِ الَكِلِمَةَ فِيهَا مُسَاوَاةُ الْغَلَطِ الَّذي هُوَ دُونَ الْكُفْرِ بِالْكُفْرِ وَمَنْ سَاوَى الْغَلَطَ الَّذِي هُوَ دُونَ الْكُفْرِ بِالْكُفْرِ كَفَر.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ ( الْمَثَل نَبِيّ ) فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكُفْرِ لأَنَّ الْمَثَلَ الَّذي يُطْلِقُونَهُ لا يَجُوزُ مُسَاوَاتُهُ بِالنَّبِيِّ وَكَثِيرٌ مِنَ الأَمْثَالِ فيها كَلامٌ بَاطِلٌ.

 

 

وَيَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْ كِتَابَةِ بَعْضِ النَّاسِ على وَرَقَةِ نَعْيِ الْمَيِّتِ ( انْتَقَلَ إلى الرَّفيقِ الأَعلى) فَإِنَّ الرَّسُولَ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ وَهُوَ يُحْتَضَرُ “بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى جِبْريلُ وِمِيكَائِيلُ” وَهَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعْنَاهُ أَخْتَارُ الرَّفِيقَ الأَعْلَى جِبْريلَ وَمِيكَائِيلَ أَمَّا مَنْ أَرَادَ تَسْمِيَةَ اللهَ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى فَهَذَا وَصَفَ اللهَ بِمَا لا يَليقُ بِهِ فَيَكُونُ كُفْرًا.

 

 

وَمِمَّا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ تَلْقينُ بَعْضِ النَّاسِ الطِّفْلَ الَّذي لَمْ يُفْصِحْ بِالْكَلامِ كَلِمَةَ الْكُفْرِ بِنِيَّةِ تَعْلِيمِهِ الكَلامَ،

 

يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِلطِّفْلِ الَّذي بَدَأ يُفْصِحُ في الْكَلامِ كَابْنِ سَنَتَيْنِ مَثَلاً (سُبَّ لَهُ أَيْ لِشَخْصٍ كَبِيرٍ رَبَّهُ) وَهَذَا كُفْرٌ وَالْعياذُ بِاللهِ تعالى وَمَنْ شَكَّ في كُفْرِهِ يَكْفُرُ لأَنَّ تَلْقِينَ الْغَيْرِ الْكُفْرَ كُفْرٌ سَوَاءٌ كَانَ يَفْهَمُ الْمُخَاطَبُ مَعْنَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ لا يَفْهَمُ، وَهَذَا يَحْصُلُ في سُورِيّا وَلُبْنَانَ.