عن الإيمان والإسلام، وأنه لا يكون من حيث الشريعة إيمان بلا إسلام ولا إسلام بلا إيمان.

Arabic Text By Jul 06, 2015

عن الإيمان والإسلام، وأنه لا يكون من حيث الشريعة إيمان بلا إسلام ولا إسلام بلا إيمان.

قال الإمام أبو حنيفة: “هما كالظهر مع البطن”، دليله رضي الله عنه ما في سورة الذاريات: “فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ”. فالمؤمن هو المسلم، والمسلم هو المؤمن. ولا يكون إيمان بلا إسلام، ولا إسلام بلا إيمان، فهما متلازمان كما قال أبو حنيفة في الفقه الأكبر: “والإسلام هو التسليم والانقياد لأوامر الله تعالى، فمن طريق اللغة (هناك) فرق بين الإيمان والإسلام، ولكن (من حيث المعنى والحقيقة) لا يكون إيمان بلا إسلام ولا يوجد إسلام بلا إيمان، فهما كالظهر مع البطن”.

قال الفخر البزدوي رحمه الله: “الإيمان والإسلام إذا ذكرا معاً كان المراد منهما واحداً. وإن ذكر كل واحد منهما منفرداً كان المراد من الإيمان التصديق الباطني، ومن الإسلام الطاعات. وعن بعض المشايخ أن الإيمان تصديق الإسلام، والإسلام تحقيق الإيمان. وتفسيره التصديق والإقرار بالله عز وجل، أي يُصدق بقلبه ويُـقر بلسانه بوجود الخالق جل جلاله وبكونه متصفاً بصفات الكمال مثل الوحدانية والعلم والقدرة والحياة وسائر الأوصاف التي لا بد من وجودها للألوهية، وبأسمائه الحسنى مثل الرحمن والرحيم والقادر والعليم إلى سائر أسمائه جل ذكره”، وذلك لأن الله لا يجوز عليه أن يتصف بصفات الخلق، ولكن نعرف الله تعالى بمعرفة ما يجب له سبحانه من صفات الكمال، وما يجوز في حقه من فعل شيء وتركه، وما يستحيل في حقه من كل صفة تجوز على المخلوق، سبحانه موجود بلا كيف كما قال الإمام مالك رضي الله عنه. والجهة والمكان والزمان من الكيف الذي لا يجوز على الله تعالى كما وصف نفسه: “ليس كمثله شيء”.

قال البزدوي: “يُعرف (أي الله) بالصفات والأسماء (اللائقة به)، ويضم إلى الإيمان أيضاً التصديق والإقرار بملائكة الله وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وبأن القدر خيره وشره من الله عز وجل وبسائر ما يجب الإيمان به”.

وقال ملا علي القاري في شرح كلام الفقه الأكبر: “فإن الإيمان في اللغة هو التصديق، والإسلام (في اللغة) مطلق الانقياد. فالإيمان مختص بالانقياد الباطني والإسلام مختص بالانقياد الظاهري. ولا يوجد في اعتبار الشريعة إيمان بلا إسلام، أي انقياد باطني بلا انقياد ظاهري، فهما (أي الإسلام والإيمان) كشيء واحد حيث لا ينفكان كالظهر مع البطن أي للإنسان، فإنه لا يتحقق وجود أحدهما بدون الآخر”.