السماء قبلة الدعاء وليست مسكن الله جل جلاله لأن الله موجود بلا كيف ولا مكان.
قال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي ما نصه [إتحاف السادة المتقين (5/34 – 35)]: “فإن قيل: إذا كان الحقُّ سبحانه ليس في جهةٍ، فما معنى رفع الأيدي بالدعاء نحو السماء؟. فالجواب من وجهين ذكرهما الطُّرْطُوشي [هو الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الأندلسي الطرطوشي المالكي (520 هجرية)]:
– أحدهما: أنه محلُّ التعبُّد كاستقبالِ الكعبةِ في الصلاة وإلصاق الجبهةِ بالأرضِ في السجود مع تنـزُّهه سبحانه عن محلِّ البيت (الكعبة المشرفة) ومحلِّ السجود، فكأنَّ السماءَ قبلةُ الدعاء.
– وثانيهما: أنها لما كانَتْ مهبِط الرزقِ والوحيِ وموضعَ الرحمةِ والبركةِ على معنى أن المطرَ يَنـزِلُ منها إلى الأرضِ فيخرج نباتًا، وهي مَسكنُ الملإ الأعلى (الملائكة) فإذا قَضَى اللهُ أمرًا ألقاه إليهم فيُلقونه إلى أهلِ الأرض، وكذلك الأعمال تُرفَع، وفيها من الأنبياء (عيسی)، وفيها الجنةُ وهي فوق السماء السابعة التي هي غايةُ الأماني، فلما كانت مَعْدِنًا لهذه الأمور العِظام..، تَصرَّفَت الهِممُ إليها، وتوفَّرَت الدواعي عليها” انتهى.
3 – وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الأشعري (852 هجرية) ما نصه في باب رفع البصر الى السماء [فتح الباري 2/185 طبع القاهرة سنة 1348 للهجرة – الطبعة الرابعة 1988)]: “السماء قِبْلة الدعاء كما أن الكعبة قِبْلة الصلاة”.
وقوله تعالى في سورة الملك: “ءأمنتم من في السماء” المراد الملك من الملائكة الموكل بالخسف، والله منزه عن المكان، قاله الامام الرازي.
وأما ظاهر حديث الجارية المضطرب (اشار الى اضطرابه ابن حجر والبيهقي)، وفي رواية له لفظ “اين الله” قالت في السماء، فلا يؤخذ به اجماعا نقله النووي عن القاضي عياض وأقره.