رسالة نفيسة في نصرة اهل السنة والرد علی الوهابية المشبهة لله بخلقه:
1 – أما بالنسبة لناصر الدين الألباني فهو ليس محدثاً ولا فقيهاً ولا قارب أن يكون عالماً، فهو لم يُظهر يوماً من الأيام أي إجازة في علم الحديث ولا في أي علم شرعي آخر من أي عالم أو حافظ من حفاظ الحديث الشريف. الألباني لم يظهر يوماً أيّ إجازة من أي عالم، فمن أين له أن يتكلم في علوم الإسلام وهو عريّ منها جملة وتفصيلاً.
2 – الألباني في كتاب سماه “الفتاوى” يعتبر الإمام البخاري كافراً وينتقص من صحيح البخاري ويردّ ما لا يوافق هواه من التشبيه والتجسيم من أقوال البخاري رحمه الله ويعتبره غير مسلم والعياذ بالله تعالى. ومن المعلوم أن الإمام البخاري إمام المحدثين وهو رضي الله عنه توفي سنة 256 للهجرة فهو من أئمة السلف الصالح، فكيف يدعي الألباني أنه محدّث وهو يكفر إمام المحدثين.
3 – أما ما قاله الألباني في ذم علم التوحيد فهو مردود عليه، ومن نظر في شرح الحافظ ابن حجر لكتاب التوحيد من صحيح البخاري يتبين له صحة قول علماء أهل السنة من السلف والخلف أن الله تعالى منزه عن الجهة والمكان، وأن الاشتغال بهذا العلم الشريف من أهم ما صرف له علماء المسلمين أوقاتهم وفي الرد على من قالوا إن الله جالس على العرش قال الحافظ ابن حجر: “وهم المجسمة” يكفرهم كما هو مذهب إمامه الشافعي في تكفير المجسمة نقله الحافظ السيوطي في الأشباه والنظائر.
والدليل على فساد استدلالات الألباني أنه يترك كل علماء أمة محمد ويقفز إلى ابن تيمية المتوفى سنة 728 للهجرة، فابن تيمية وكما هو واضح ليس من السلف الصالح ولا حتى من الخلف الصالحين بل كان ضالاً مجسماً مشبها كما نص عليه الإمام السبكي في أكثر من موضع، وكذلك قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية.
4 – وأما كتب السلف الصالح وما ثبت عنهم بالأسانيد المتصلة ومنهم ابو حنيفة رضي الله عنه (ت 150 هـ.) ومالك رضي الله عنه (ت 179 هـ.) وغيرهما فهي مليئة بتنزيه الله عن الجهة والمكان والكيف.
5 – أما استدلاله برواية لحديث الجارية فيها أن الرسول سألها أين الله قالت في السماء، وفي رواية أشارت إلى السماء، فإن هذه الرواية على اضطراب إسنادها كما أشار إليه الحافظان الكبيران البيهقي في السنن الكبرى وابن حجر في تلخيص الحبير، لا تساعد زعم الألباني ومراده لأن الله تعالى قال في سورة الزخرف: “وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ”، وليس معنى الآية أن الله محصور في الأرض كما هو محصور في السماء، بل هذا مما يضحك منه العقلاء، فكما تنزه تعالى عن أن يكون محصوراً في الأرض فهو منزه أيضاً عن أن يكون محصوراً في السماء.
6 – وأما استدلاله بقول المصلي في سجوده سبحان ربي الأعلى، على أن الله في السماء أو عليها بذاته في ما يزعمه الألباني، فيرده الحديث الشريف الذي رواه مسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”، فلو جاز على الله العلو المكاني كما يدعي الألباني لقال الرسول أقرب ما يكون العبد من ربه وهو على رأس الجبل وليس وهو ساجد. وهذا الحديث وحده كاف في إثبات زيف اعتقادهم في الله أنه على السماء بذاته او في مكان عدمي فوق السماء والعالم تحته، وهذا من أشنع الاعتقادات أن يقال إن الله في العدم والعياذ بالله.
7 – فحديث الجارية الذي يستدل به الالباني لم يورده مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه لأنه لم يره صالحاً للاحتجاج به في العقيدة، فالاحتجاج بهذا الحديث في العقيدة بدعة لم يفعلها السلف. وكما أن آية الزخرف مصروفة عن ظاهرها إجماعاً لتنزه الله عن أن يكون في الأرض أو عليها، فكذلك يصرف بإجماع المسلمين حديث الجارية عن ظاهره عند من رووه باتفاق من الحفاظ أمثال القاضي عياض 656 للهجرة والنووي المتوفى سنة 676 هـ. وأبي بكر ابن العربي 543 هـ. وابن حجر العسقلاني 852 هـ. والبيهقي (ت سنة 458 هـ.) الذي قال في مؤلفاته قبل نحو الف سنة إن الله موجود بلا مكان، واستدل على ذلك بالقرآن والسنة، ومن شاء فلينظر كتابي الأسماء والصفات والاعتقاد له رحمه الله.
8 – ثم ليعلم أن الواحد من هؤلاء لا يقاربه ولا يداني عشر عشره اﻵلاف من مثل الألباني العاري من علم الحديث، والذي دينه وديدنه النقل من كتب ابن تيمية المحشوة بالتشبيه والتجسيم وموافقة أقوال فلاسفة اليونان في القول بأزلية نوع العالم، وهذا مما اتفق المسلمون على كونه كفراً وضلالاً كما ذكر الحافظ الاصولي بدر الدين الزركشي في تشنيف المسامع، وقال الحافظ ابن دقيق العيد إن ذلك كفر إجماعا.
9 – فمن تتبع هذا الأمر عرف ورأى بعينه أن الفئة الوهابية التي ينتمي إليها الألباني تلعن وتكفر الحفاظ من أهل السنة الذين سبق ذكرهم. وهم أي الوهابية صرحوا في أكثر من موقع على الانترنت بأن البيهقي والنووي وأمثالهم من علماء الأشاعرة أهل السنة والجماعة، مبتدعة ضالون لا يجوز الترحم عليهم. وبعض الوهابية ألف كتاباً سماه “أخطاء أساسية في العقيدة عند الحافظ ابن حجر”، وذلك لأن ابن حجر عرف حقيقة معتقدات أسلافهم وقال فيهم إنهم مشبهة مجسمة كما ذكره في أكثر من موضع من شرحه على كتاب التوحيد من صحيح البخاري فليرجع إليه من شاء، وكذلك إلى مؤلفات الامام ابي حنيفة كالفقه الأكبر والوصية والعالم والمتعلم ليتيقن أن الله تعالى موجود بلا كيف ولا جهة ولا مكان، وأن هذا ما نصّ عليه علماء أهل السنة من السلف والخلف رحمهم الله تعالى، وهذا ما أخذناه من مشايخنا وهذا ما نحن عليه،