فائدة لغوية:
قال ابن الانباري في معنى ﻗﻮل العرب ﻟﻠﻪِ ﺩَﺭُّﻙًَ: ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫﺍ ﻛﺜُﺮ ﺧﻴﺮﻩ ﻭﻋﻄﺎﺅﻩ ﻭﺇﻧﺎﻟﺘﻪُ ﺍﻟﻨﺎسَ ﻗﻴﻞ ﻟﻠﻪِ ﺩَﺭُّه أي ﻋﻄﺎﺅﻩ ﻭﻣﺎ ﻳُﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ، ﻓﺸﺒﻬﻮﺍ ﻋﻄﺎﺀﻩ ﺑﺪﺭِّ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﺓ (اي لبنهما) ﺛﻢ ﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻟﻜﻞ ﻣُﺘَﻌَﺠَّﺐٍ ﻣﻨﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺍﺀ ﺭﺑﻤﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻮﻩ ﻭﻗﺎﻟﻮﻩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﻟﻠﻪ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺩَﺭَّ ﺩَﺭُّ ﻓﻼﻥ ﻭﻻ ﺩَﺭ َّﺩَﺭُّﻩ.
وفي ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ لرضي ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﺳﺘﺮﺍﺑﺎﺩﻱ: ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ: ﻟﻠﻪ ﺩﺭﻙ، ﻓﺎﻟﺪﺭ ﻓﻲ ﺍﻷصل ﻣﺎ ﻳﺪﺭّ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﻨﺰﻝ من ﺍﻟﻀﺮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺮ، ﻭﻫﻮ ﻫﻬﻨﺎ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻤﺪﻭﺡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻪ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺴﺐ ﻓﻌﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺼﺪﺍً للتعجب ﻣﻨﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﺸﺊ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺐ، ﻓﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﻳﻨﺴﺒﻮﻧﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻳﻀﻴﻔﻮﻧﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻬﻢ: ﻟﻠﻪ ﺃﻧﺖ، ﻭﻟﻠﻪ ﺃﺑﻮﻙ. ﻓﻤﻌﻨﻰ ﻟﻠﻪ ﺩﺭﻩ: ﻣﺎ ﺃﻋﺠﺐ ﻓﻌﻠﻪ.
وفي ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ لاﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ: ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻟﻠﻪ ﺩﺭﻙ ﺃﻱ ﻟﻠﻪ ﻋﻤﻠﻚ، ﻳﻘﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺪﺡ ﻭﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ. ﻓﺈﺫﺍ ﺫﻡ ﻋﻤﻠﻪ ﻗﻴﻞ: ﻻ ﺩﺭّ ﺩﺭّﻩ. ﻭﻗﻴﻞ: ﻟﻠﻪ ﺩﺭﻙ ﻣﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﻌﻨﺎه لله ﺧﻴﺮﻙ ﻭﻓﻌﺎﻟﻚ، ﻭﺇﺫﺍ ﺷﺘﻤﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ ﺩﺭّ ﺩﺭّﻩ ﺃﻱ ﻻ ﻛﺜﺮ ﺧﻴﺮﻩ.
ﻭﻗﻴﻞ: ﻟﻠﻪ ﺩﺭﻙ ﺃﻱ ﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻨﻚ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﺪﻩ: ﻭﺃﺻﻠﻪ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺭﺃﻯ ﺁﺧﺮ ﻳﺤﻠﺐ ﺇﺑﻼً ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﻟﺒﻨﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻠﻪ ﺩﺭّﻙ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺃﺭﺍﺩ ﻟﻠﻪ ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻤﻠﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺪﺭ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻠﺐ، والله أعلم.