ليُعلم أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو أشرف خلق الله وأفضلهم على الإطلاق.

Arabic Text By Jul 05, 2015

ليُعلم أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو أشرف خلق الله وأفضلهم على الإطلاق.

قال الفيومي في المصباح المنير: الشَّرَفُ الْعُلُوُّ، وَشَرُفَ فَهُوَ شَرِيفٌ، وَقَوْمٌ أَشْرَافٌ وَشُرَفَاءُ. اهـ.

ومعنى ذلك أن الشرف قد يطلق ويراد به علو القدر والجاه عند الله تعالى.

وليس في قولنا إن سيدنا محمداً أشرف من غيره من الأنبياء، أي أعلاهم قدراً، ما يدلّ على أدنى تنقيص من قدر أي نبيّ من أنبياء الله تعالى.

وقد تظاهرت الأدلة على أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أشرف المخلوقات وأفضلها وأعلاها لكون أمته خير الأمم وأشرفها وأفضلها بنصّ سورة آل عمران: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” (الآية 110)، فكما أن الآية لا يُفهم منها أن غير هذه الأمة المحمدية من الأمم الإسلامية لا خير فيها، فكذلك إذا قلنا إنه صلى الله عليه وسلم أفضل خلق الله وأشرفهم لا يُعطي أن غيره من الأنبياء لا شرف له ولا فضل لديه، والعياذ بالله تعالى.

مع أنه مما لا شك فيه أن النبيّ خير المؤمنين وأتقاهم وأخشاهم لله كما قال صلى الله عليه وسلم: “أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ” رواه البخاري، وسبب ذلك ما قاله هو صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا” وهو في البخاري كذلك.

فالرسول صلى الله عليه وسلم ربط الخشية لله تعالى بالعلم به سبحانه، فمن ازداد معرفةً بالله، أي بما يجبُ لله من صفات الكمال والجلال وأنه عز وجلّ موجود بلا كيف ولا مكان، ومعرفةً بحقوق الله تعالى من الواجبات على العبد ثم السنن المستحبة وعمل بذلك، كان هو الأعلى والأفضل عند الله، ولذلك كان الرسول هو الأعلى والأفضل والأشرف عند الله تعالى.

وفي كتاب الله تعالى النص على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، قال تعالى في سورة البقرة: “تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ” (الآية 253)، وقال تعالى: “وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ” (الإسراء، 55).

وهاتان آيتان من كتاب الله تعالى تقضيان بأن بعض الأنبياء والرسل أفضل من بعض الأنبياء والرسل الآخرين، وليس في ذلك أي تنقيص لأيّ نبيّ أو رسول من أنبياء الله ورسله المكرّمين جميعاً عليهم الصلاة والسلام.

ومن الأدلة على أنه أشرف من جميع الأنبياء قوله صلى الله عليه وسلم في ما رواه الإمام أحمد: “وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلا فَخْرَ، وَبِيَدِى لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلا فَخْرَ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي وَلا فَخْرَ”.

فالرسول إنما هو أفضل الخلق، لأن الله أيده بأبهر الآيات والدلالات وأشهر المعجزات ومنها القرآن الكريم، وأمته أزكى الأمم وأعلاها، وشريعته أتم الشرائع ودين كل الأنبياء الإسلام، وصفاته أكمل الصفات وأخلاقه أحسن الأخلاق، والله تعالى أقسم بحياة النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه “لَعَمْرُكَ” (الحجر، 72)، وقرَن عز وجلّ اسمه باسمه في تشهد الصلاة والأذان، وفي اشتراط صحة الدخول في الإسلام بعد كلمة التوحيد، وقال عليه السلام: “أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع” رواه مسلم، وفي الترمذي: “أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِى، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّى وَلا فَخْرَ” رواه الترمذي وحسّنه.

فالرسول صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب أفضل الخلق وأشرف الخلق بلا خفاء ولا منازع، صلى الله عليه وسلم وعلى سائر أسيادنا من الأنبياء والمرسلين وآل كلّ والصالحين.

وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير ورزقنا رؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم عاجلاً وآجلاً، آمين