من إرث الرحمة من علم شيخنا الفقيه الحافظ الأصولي عبدالله الهرري الأشعري الشافعي قال رحمه الله: قال الله تعالى: ﴿أقِم الصلاةَ طرَفَي النّهارِ وَزُلَـــفًا منَ الليلِ إنَّ الحسَناتِ يُذهِبنَ السَّيئّات﴾ (هود، 114). في هذه الآية بيانُ افتراضِ اللهِ تعالى على نبيـّــه [محمد صلى الله عليه وسلم] خمسَ صلوات، فقولُه تعالى: ﴿طرَفَي النّهار﴾ يعني الصبح وهو الطّرفُ الأوّلُ من النهار لأن النّهار مبدَؤه الفجر. والطرفُ الثاني من النهار ما بعد الزوال [زوال الشمس عن وسط السماء] ففيه فرضان، والطرف الثاني من النهار ما بعد زوال الشمس وفيه الظهرُ والعصرُ.
وقولُه: ﴿وزُلَفاً من الليل﴾ أي ساعاتٍ من الليل يعني به صلاة المغرب والعشاء. وبمعنى ذلك قولُه تعالى: ﴿فسبحان اللهِ حين تُمسون وحين تُصبحون ولهُ الحمدُ في السّمواتِ والأرض وعَشِيًا وحينَ تُظهرُون﴾ (الروم، 17 - 18) المعنى أن علينا صلاة المغرب وصلاة العشاء لأن كلتيهما تكونان في أول الليل وهو المساء. فالمغربُ في أولِه الحقيقي لذلك كان وقتُها أقصَر الأوقات، لا يزيد في أغلب الدنيا مقدار وقتِها على ساعة وثُلُث، وفي بعض البلادِ يَكونُ أقلَ من ذلك. ويتّصل بوقت المغرب وقتُ العشاء بلا فاصل ويمتدُ إلى الفجر الساطع [المعترض أفقياً في الأفق الشرقي].
أما قولُه تعالى: ﴿وحينَ تُصبِحون﴾ يعني به صلاةَ الصُبح لأن وقتَ الفجر هو أولُ الإصباح، وجاء شرحُ ذلك وتحديدُه في الأحاديث النبوية لأن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام شرحٌ للقرءان.ا.هـ.