من إرث الرحمة من علم شيخنا الفقيه الحافظ الأصولي عبدالله الهرري الأشعري الشافعي سئل عن اسم الله تعالى “المبين” فأجاب رحمه الله: لا إله إلا الله الملك الحق المبين. المَلِك الذي هو المُتصرِّف في العالم، بكل العالم، الذي هو المتصرّف في العالم. هذا معنى المَلِك. أما الحقُ فمعناه الذي لا شك في وجوده لأن كل شىءٍ دليلٌ على وجوده، الإنسان في ذاته دليلٌ على وجود الله. لو أردنا أن نتكلم هذا الكلام الذي يسَّرَ اللهُ لنا من غير الطريقة التي جعلها الله لنا لم نستطع. مثلاً الواحدُ منّا يُخرج حرف الميم من الشفتين ويُخرِج حرفَ الحاء من الحلق. فلو أراد الواحدُ منّا أن ينطق بالباء وشفتاه مفتوحتان لم يستطع ذلك إلا بإطباق الشفتين. وهل يستطيع الواحد منّا أن ينطق بالحاء مع إطباق الشفتين؟ لا يستطيع، لأن اللهَ تعالى جعل الباء تخرج من هنا بإطباق الشفتين، وجعل الحاء تخرج من الحَلق لا من الشفتين. هذا من دلائل أننا ما خلِقنا من غير خالق، ومن دلائل أن لنا خالقاً لا يُشبِهُنا. هذا معنى الحق، الله الحقُّ هذا معناه. الحقُّ لا شكَ في وجوده. وجودهُ ثابتٌ لا شكَّ فيه. المُبين، معنى المبين إذا أطلق اسماً على الله معناه: الله الظاهر. ما معنى اللهُ الظاهر؟ معنى اللهُ الظاهر ظاهرٌ بآياته ودلائل قدرته وحكمته وعِلمه. نحن، الإنسان، دليل على وجود الله. وهذه الأرض التي نحن نعيش عليها دليل على وجود الله. وهذه السموات دليل على وجود الله. فمعنى المبين أنه ظاهرٌ بآياته ليس بمعنى ظاهر للحِسّ. هو محتجِبٌ عن الحِسِّ والأوهام. أوهَامُنا لا تستطيع أن تدرك اللهَ بالتَّصور لأنه لا يشبه شيئاً. كذلك لا نراه بالحِسِّ في الدنيا أي بالعين. مع ذلك هو ظاهر لأنّ كلَ شىء دليلٌ على وجوده “ظاهرٌ بآياته باطن بذاتِهِ”. الله تعالى ظاهر بآياته باطن بذاته. باطن بذاته معناه لا يُدرَك بالحواسّ لا تدركه الأبصار. باطن بذاته هذا معناه، لا تتصورَّهُ الأفكار. لا تتصوره الأفكار لأنه لا مثلَ له. كيف تتصورُه الأفكار (ينكر ذلك). لا يشبه شيئاً. الأفكار تتصوّر ما له شبيه ولو في بعض الصفات. الآن إذا ذُكرت لنا الجنة نتصورها في أفكارنا ونصادف بعض صفاتها لأنها جرم من الأجرام لها شكل، لها مساحة، لها كيفية. كذلك العرشُ لمّا يُذكر لنا وإن لم نره لكن نُدرك بالتصور بعض صفاته. بعض صفات العرش نُدرك بالتصوّر لأنه أيضاً جرم له مِساحة وله لون، لا بدّ له من لون، لا بد له من مساحة. إذا تصورناه من غير ان نراهُ نُدرك بعضَ صفاته لأن العرش يشبه غيرَه من المخلوقين في بعض الأوصاف. كذلك الجنة وإن كانت بعيدة منّا تشارك المخلوقات في بعض الصفات. تشارك بعض المخلوقات في بعض الصفات من حيث إنّها جرم له مِساحة وله شكل وله هيئة. كذلك الكرسيّ، كذلك جهنم نتصوّرها بأفكارنا. لما ذكِر لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنها سوداء مُظلمة بعد أن أُوقِد عليها ألفَ سنة ثم أوقِد عليها ألف سنة، كانت في طَورٍ بيضاء ثم كانت في طَورٍ حَمراء ثم في الألف الثالث صارت سوداء فهي سوداءُ مظلمة أجارنا الله منها، أجارنا الله منها، أجارنا الله منها وأدخلنا جنته، وأدخلنا جنته، اللهمَّ أدخلنا الجنّة.ا.هـ.
رحم الله كاتبها وناشرها دنيا وآخرة، آمين