قوله تعالى: “وَإِذَا ضَرَبْتُم فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُم جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِن الصَّلاةِ إِن خِفْتُم أَن يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُوا” (النساء، 101).
قال أبو جعفر النحّاس في الناسخ والمنسوخ: “ليس في الآية منع للقصر في الأمن، وإنما فيها إباحة القصر في الخوف فقط”.
فالآية ليس معناها أن القصر في الصلاة الرباعية إلى ركعتين في السفر لا يكون إلا في حال الخوف، ولكن معناها إجازة ذلك في حال الخوف أي للمسافر، كما تقدم ذكره للنحاس رحمه الله.
قال البغوي في تفسيره: اعلم أن قصر الصلاة في السفر جائز بإجماع الأمة، واختلفوا في جواز الإتمام (أي أربع ركعات بدلاً من ركعتين): فذهب أكثرهم إلى أن القصر (أي ركعتين للرباعية فقط) واجب وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة، وهو قول مالك وأصحاب الرأي لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرّت صلاة السفر وأتمّت صلاة الحضر”.
وذهب قوم إلى جواز الإتمام روي ذلك عن عثمان وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وبه قال الشافعي رضي الله عنه، إن شاء أتم وإن شاء قصر، والقصر أفضل (كل ذلك للمسافر). وظاهر القرآن يدلّ على هذا، لأنه قال: “فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة” ولفظ لا جناح إنما يستعمل في الرخص لا في ما يكون حتماً (أي واجباً)، فظاهر الآية يوجب أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف وليس الأمر على ذلك، إنما نزلت الآية على غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم وأكثرها لم يخل عن خوف العدو .
والقصر جائز في السفر في حال الأمن عند عامة أهل العلم، والدليل عليه.. عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما قال الله تعالى أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقد أمن الناس، فقال عمر رضي الله عنه: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته”.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سافر رسول الله بين مكة والمدينة آمناً لا يخاف إلا الله فصلى ركعتين. انتهى
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير ورزقنا رؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم عاجلاً وآجلاً، آمين