يجب الإيمان بالرّوح، وهو جسم لطيف أي لا يضبط باليد غير كثيف، مخلوق من جملة مخلوقات الله. ولا يعلم حقيقة الرّوح إلا الله تعالى.
وقد أجرى الله عز وجلّ العادة بأن تستمرّ الحياة في أجسام الملائكة والإنس والجن والبهائم ما دامت أرواحها مجتمعة معها، وتفارقها الحياة إذا فارقتها أرواحها.
والدخول في تفاصيل أمر الروح ينبغي التوقف فيه عند قول الله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَن الرُّوحِ قُل الرُّوحُ مِنْ أَمرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِن العِلمِ إِلاَّ قَلِيلاً” (الإسراء، 85).
وفي المصباح المنير للفيومي رحمه الله: وقال صاحب المحكم والجوهري الروح يذكر ويؤنث. ومذهب أهل السنة أن الروح هو النفس الناطقة المستعدة للبيان وفهم الخطاب ولا تفنى بفناء الجسد، وأنه جوهر (أي جسم) لا عرَض (اي ليس صفة للجسم) ويشهد لهذا قوله تعالى: “بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون” والمراد هذه الأرواح. انتهى.
ومن خالف الإسلام فقال إن الروح قديم أزلي غير مخلوق كما يقول بعض الفلاسفة فهو كفرٌ وضلال لأن في ذلك إنكاراً لخلق الله لتلك الأرواح، ومن أنكر خلق الله لحبّة رمل فما دونها أو ما فوقها فهو ضالّ.
وكذلك من ثبت عنه أنه قال عن البهائم كالبقر والأغنام إنها لا أرواح لها فذلك تكذيب للقرآن الكريم، قال الله تعالى: “وإذا الوحوش حشرت” (التكوير، 5) معناه أنها لها أرواح ولولا ذلك لم تحشر يوم القيامة، فإن الشجر لا يحشر يوم القيامة، وإذا قطعت شجرة لا تتألم، فلذلك لا نشـبّه البهائم بالشجر والحجر لا أرواح لها.
ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ” رواه الترمذي وقال حسن صحيح، والجلحاء هي التي لا قرن لها.
فإن قيل إن الشاة غير مكلفة فكيف يُـقتص منها؟ قلنا: إن الله تعالى فعال لما يريد لا يُسأل عما يفعل لتنزهه سبحانه عن الظلم، والحكمة من ذلك إعلام العباد بأن الحقوق لا تضيع، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف والقوي والضعيف.