روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:َ “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِى وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.
قول سيدنا النبي: “من قال حين يسمع النداء” أي الأذان، ويحتمل أن يكون التقدير من قال حين يسمع نداء المؤذن، وظاهره أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان ولا يتقيد بفراغه، لكن يحتمل أن يكون المراد من النداء تمامه.
قوله: “رَبّ هذه الدعوة”، زاد البيهقى: “اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة التامة” والمراد بها دعوة التوحيد، وقيل لدعوة التوحيد “تامة” لأن الشرك والكفر والعياذ بالله نقص فاحش.
والتامة كذلك التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور، فدعوة التوحيد هي التي تستحق صفة التمام والكمال.
وقال ابن التين رحمه الله: وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو “لا إله إلا الله”.
وقال الطيبي: من أوله إلى قوله “محمد رسول الله” هي الدعوة التامة.
قوله: “الوسيلة” هى ما يتقرب به إلى الكبير القدر، يقال توسلت أى تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، ووقع ذلك فى حديث عند مسلم بلفظ “ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ، ﻻ ﺗﻨﺒﻐﻲ ﺇﻻ ﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﺃﻧﺎ ﻫﻮ، ﻓﻤﻦ ﺳﺄﻝ ﻟﻲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺣﻠﺖ ﻟﻪ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ”، والواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله من حيث المعنى لا من حيث المكان والكيفية، لأن الله منزه عن المكان والكيفية، قاله أبو حنيفة وغيره وهو اجماع السلف والخلف. وأجمعوا كذلك علی جواز التوسل به الى الله في حال حياته وبعد وفاته صلی الله عليه وسلم بلا مخالف، ذكره الامام المجتهد الحافظ الفقيه المفسر اللغوي تقي الدين السبكي وغيره.
قوله: “والفضيلة” أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيراً للوسيلة فيكون العطف عطف بيان وتفسير.
وقوله: “مقاما محمودا” أى يُحمد القائم فيه ونُصِب على الظرفية، أى ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا، أو ضَمَّن ابعثه معنى أقِمه أي أقمه مقاما محمودا، أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه، ويجوز أن يكون حالا أي ابعثه ذا مقام محمود.
قال النووى: ثبتت الرواية بالتنكير وكأنه حكاية للفظ القرآن. وقال الطيبي: إنما نكّره لأنه أفخم وأجزل كأنه قيل مقاما أي مقاما محمودا بكل لسان.
قوله: “حلت له” أى استحقت ووجبت أو نزلت عليه، يقال حل يحُل بضم الحاء إذا نزل، واللام بمعنى على، ويؤيده رواية مسلم “حلت عليه”، ووقع فى الطحاوى حديث ابن مسعود “وجبت له”.
وقال المهلب: وفي الحديث الحض على الدعاء في أوقات الصلوات لأنه حال رجاء الإجابة.
فاعملوا أحبتي بهذا الدعاء وانشروه حبًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وادعوا الله لكل من نشره، وفقنا الله وعافانا وختم لنا بخير، آمين