عمرة بنت عبد الرحمن ( يقال: له صحبة، وليس كذلك) بن سعد بن زرارة (من قدماء الصحابة)، الأنصارية النجّارية المدنية، أم محمد، العالمة الفقيهة، المحدثة الجليلة، الثقة الحجة، الخيّرة الفاضلة، كثيرة الحديث، تتلمذت على يدي أمّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فنهلتْ من علمها الغزير، وروتْ عنها فأكثرت، وكانت من أثبت الناس بها.
عَمْرة المحدثة:
كانت الصحابياتُ الأولياتُ ناهضاتٍ بأمر هذا الدين، تؤدّين ما عليهنّ من واجبٍ تُجاه، حتى كان لهنّ نتاجٌ مشرفٌ في نشر حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم وروايته؛ فها هي عمرة تبثُّ في الناس علمًا جمًا، وحديثُها كثيرٌ في دواوين السنة.. وقد روت عن أئمة الدين والهدى مثل : ” رافع بن خديج، ومروان بن الحكم، وحبيبة بنت سهل، وأم حبيبة حمنة بنت جحش، وأمَّي المؤمنين عائشة وأمّ سلمة رضي الله تعالى عنهما. وحدّث عنها : ابنُها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، وعروة بن الزبير، ومحمد بن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري.. وخلقٌ كثيٌر غيرُهم. عَمْرة الفقيهة:
لربما علق في ذهن جُلّ فتياتنا، أن الاشتغالَ بأمور الفقه، والتألقَ في العلوم، والتصدرَ للفُتيا، كانت خصيصةً من خصائص الرجال… الأمرُ الذي ينافي الواقعَ ويناقضُه، فقد كان للنساء شأن بالغ في نشر العلم والبزوغ فيه؛ فهذا ابن سعد (صاحب الطبقات) يذكر عمرة فيمن كان يفتي بالمدينة بعد أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وكانوا يسألونها ويستفتونها، فتجيبهم وتفتيهم بما حفظته من السيدة عائشة من فقهٍ وحديث.
عمرة ونشرُها للعلم وثناء الأئمة عليها:
كانت حافظةً لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و الإمام الحافظَ ابن شهاب الزهريّ وصف بأنها بحرٌ لا يُنزف، و الحافظ الفقيه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كان يستفتيها، ويحرصُ على جمْع حديثها ، وقد أمر ابنَ شهاب بذلك.
أجمع الأئمة على توثيقها وجلالتها، ورفعة أمرها، وتفخيم شأنها: – فقد قال فيها الإمامُ علي بن المديني بعد أن فخّم من أمرها….” عمرةُ ..إحدى الثقات العالمات بعائشة، الأثبات عنها”.
– وقال ابن الصلاح: “سيدتا التابعين من النساء اثنتان: حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن”.
– وقال الذهبي: … “وكانت عالمةً جليلة، فقيهةً حجة، كثيرةَ العلم، وحديثُها كثيرٌ في دواوين الإسلام”.
– وقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: “ما بقي أحدٌ أعلم بحديث عائشة من عَمْرة”.
– وقال ابن حِبان: ” تروي عن عائشة، وكانت أعلمَ الناس بحديثها”.
– وقال يحيى بن مَعين..” عمرة.. ثقة حُجّة”.
رحم اللهُ العالمة الغالية عمرة، وألهمَ فتياتِنا حذوَ سبيلها، والسيرَ على طريقها..
وخيرُ الختام :…
أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ.
|