في ترجمة الإمام البخاري وحبّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
هو إمام المحدثين وشيخ الحفاظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، ولد في بخارى سنة 194 هـ.، وألهمه الله حفظ الحديث وهو ابن عشر سنين أو أقل.
كان البخاري شديد الاهتمام بالعلم جداً منذ صغره. قال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر، يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحياناً، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري ناراً، ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت هانئ بن النضر يقول: كنا عند محمد بن يوسف يعني الفريابي بالشام، وكنا نتنزه فعل الشباب في أكل الفرصاد (التوت) ونحوه، وكان محمد بن اسماعيل معنا، وكان لا يزاحمنا في شيء مما نحن فيه ويكبّ على العلم.
وقال إسحاق بن راهويه: اكتبوا عن هذا الشاب – يعني البخاري – فلو كان في زمن الحسن (البصري) لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه.
وقال أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل .وقال أبو عبد الله الحاكم: محمد بن إسماعيل البخاري إمام أهل الحديث. وقال الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
في خصاله وأخلاقه، كان محمد بن إسماعيل مخصوصاً بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع في ما عند الناس، وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان فى العلم رحمه الله.
توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوماً.
قال رحمه الله: خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها وتخلفت بها في طلب الحديث، فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وصنفت كتاب “التاريخ” إذ ذاك عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة، انتهى من تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر، وما فعل البخاري ذلك إلا حباً بالنبي صلى الله عليه وسلم وتبركاً بالقرب من قبره الشريف صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان البخاري على طريقة أهل السنة والجماعة في الاعتقاد، ينزه الله تعالى عن الجسمية والكيفية والمكان والجهة كما استخلص ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني من أماكن في صحيح البخاري في أثناء شرحه عليه.
ومن جملة كلام البخاري في التأويل التفصيلي على طريقة أهل السنة وهو من أكابر علماء السلف رضي الله عنهم، قال في قوله تعالى في سورة القصص: “كلّ شيء هالكٌ إلا وجهَه” إلا مُلكه، اهـ. معناه إلا سلطانه، فصفة المُلك لله تعالى أزلية لأن الله أزلي لا بداية له، والمملوك مخلوق حادث. والحمدلله تعالى
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين