من إرث الرحمة من علم الفقيه الحافظ الشيخ عبد الله الهرري، قال ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
هذا العلم (علم الكلام على طريقة أهل السنة) أصله كان موجودًا بين الصحابة متوفرًا بينهم أكثر ممن جاء بعدهم. والكلام فيه بالردّ على أهل البدع بدأ في عصر الصحابة. فقد ردّ ابن عباس وابن عمر على المعتزلة، ومن التابعين ردّ عليهم عمر بن عبد العزيز والحسن بن محمد ابن الحنفية وغيرهما.
وقد قطع علي كرّم الله وجهه الخوارج بالحجة، وقطع دهريًّا (منكراً لوجود الله). وأقام (عليّ رضي الله عنه) الحجة على أربعين رجلاً من اليهود المجسمة بكلام نفيس مُطْنَبٍ (قال فيه: “من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود”، معناه الله موجود بلا كيف ولا مكان)؛ وقطع الحبر (بكسر الحاء وفتحها أي العالم) ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج بالحجة أيضًا، وقطع إياس بن معاوية القاضي القدرية (كفار ينكرون تقدير الله للأشياء)، وقطع الخليفة عمر بن عبد العزيز أصحاب شَوْذَب الخارجي (من الخوارج يكفرون المسلمين لمجرد المعصية، ومن الخوارج جماعة سيد قطب انحرفوا عن الشيخ حسن البنا رحمه الله)، وألّف (عمر بن عبدالعزيز) رسالة في الرد على المعتزلة وهي رسالة وجيزة، وقطع ربيعةُ الرأي شيخُ الإمام مالك، غَيلانَ بن مسلم أبا مروان القدري (وكان ضالاً). وكذلك اشتغل بهذا العلم الحسن البصري وهو من أكابر التابعين.
فإن قيل: روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه قال: “تفكّروا في كل شىء ولا تفكروا في ذات الله” فهو منهيّ عنه. فالجواب: أن النهي ورد عن التفكر في الخالق مع الأمر بالتفكر في الخلق، فإنه يوجب النظر وإعمال الفكر والتأمّل في ملكوت السموات والأرض ليستدلّ بذلك على وجود الصانع، وعلى أنه لا يشبه شيئًا من خلقه؛ ومن لم يعرف الخالق من المخلوق كيف يعمل بهذا الأثر الصحيح.
وقد أمر القرءان بتعلّم الأدلة على العقائد الإسلامية، على وجوده تعالى وعلى ثبوت العلم له والقدرة والمشيئة والوحدانية إلى غير ذلك. ولم يطعن إمام معتبر في هذا العلم الذي هو مقصد أهل السنّة والجماعة من السلف والخلف. اهـ.
وفق الله من نشرها وختم لنا بخير، آمين