من إرث الرحمة من علم الفقيه الحافظ الشيخ عبد الله الهرري، قال ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ):
قال أبو حنيفة رضي الله عنه جوابًا على القائلين: لِمَ تتكلمون بعلم الكلام والصحابة لم يتكلموا فيه (ينتقدون ذلك فأجاب رحمه الله): “إنما مثلهم كأناس ليس بحضرتهم من يقاتلهم فلم يحتاجوا إلى إبراز السلاح، ومثلنا كأناس بحضرتهم من يقاتلهم فاحتاجوا إلى إبراز السلاح”. اهـ.
وإن أريد أن الصحابة لم يتلفظوا بهذه العبارات المصطلحة عند أهل هذه الصناعة نحو: الجوهر والعرض، والجائز والمُحال (المستحيل العقلي)، والحدَث (المخلوقية) والقِدم (بكسر القاف أي الأزلية وهي لله وحده)، فهذا مُسَلَّمٌ به، لكننا نعارض هذا بمثله في سائر العلوم، فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه التلفّظ بالناسخ والمنسوخ، والمجمل والمتشابه، وغيرها كما هو المستعمل عند أهل التفسير؛ ولا بالقياس والاستحسان، والمعارضة والمناقضة، والطرد والشرط، والسبب والعلة وغيرها كما هو المستعمل عند الفقهاء؛ ولا بالجرح والتعديل، والآحاد والمشهور والمتواتر والصحيح والغريب وغير ذلك كما هو المستعمل عند أهل الحديث. فهل لقائل أن يقول يجب رفض هذه العلوم لهذه العلّة؟! (أي ليس له)، على أنه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم لم تظهر الأهواء والبدع فلم تمسّ الحاجة إلى الدخول في التفاصيل والاصطلاحات.
وفق الله من نشرها وعافانا وختم لنا بخير، آمين