كيف كان ولاة أمور المسلمين يوم كانت الأمة بخير، فليتعظ الحاكم والرعية.
روى الحافظ أبو بكر المرّوذي (ت 275 هـ.) عن سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حُذَيْمٍ الْجُمَحِيَّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي مُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ فَعِهِنَّ (أمر من الوعي وهو الحفظ والفهم) وَاقْبَلْهُنَّ وَاعْمَلْ بِهِنَّ، قَالَ: مَا هُنَّ يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: اخْشَ اللَّهَ فِي النَّاسِ، وَلا تَخْشَ النَّاسَ فِي اللَّهِ. وَأَحِبَّ لأَهْلِ الإِسْلامِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ. وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَقَضَاءَكَ أَمر مَا اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِم. وَالْزَمِ الأَمْرَ ذَا الْمَحَجَّةِ يُعِنْكَ اللَّهُ عَلَى مَا أَمَرَكَ، وَيَكْفِكَ مَا هَمَّكَ. وَلا تَقْضِيَنَّ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَيْنِ فَيَخْتَلِف عَلَيْكَ أَمْرُكَ وَتَنْزع عَنِ الْحَقِّ. وَلا يَخْتَلِفْ قَوْلُكَ وَفِعْلُكَ، فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ. وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ، وَلا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ عُمَرُ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ هَذَا يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: يَسْتَطِيعُهُ مَنْ قَضَى اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مَا قَضَى اللَّهُ فِي عُنُقِكَ، وَإِنَّمَا مِنْكَ أَنْ تَأْمُرَ فَتُطَاعَ. انتهى.
وسعيد بن عامر الجمحي من كبار الصحابة رضي الله عنهم كان إذا خرج عطاؤه اشترى لأهله قوتهم وتصدق بما بقى، توفي سنة 20 هجرية وهو في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يكن يملك شيئاً.
ولاه عمر مدينة حمص فلما زارها شكا أهل حمص إلى عمر عن سعيد أموراً منها أنه لا يخرج إليهم حتى اذا تعالى النهار، فقال إنه يعجن الخبز لأهله؛ ومنها أنه لا يخرج إليهم يوماً من الشهر، قال لأنه ليس لديه سوى قميص واحد فيغسله ذلك اليوم حتى يجف ثم يلبسه، فعذره عمر رضي الله عنهما. أرجو الدعاء.
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين