ابن كثير المؤرخ توفي سنة 744 للهجرة، وليس هو ابن كثير المكيّ القارئ أحد السبعة من العشرة المتواترة قراءتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي الأخير سنة 120 للهجرة وبقراءته كان يقرأ الإمام الشافعي، فابن كثير القارئ مكيّ قرشيّ قاله البخاري، والشافعي مكيّ قرشي رضي الله عنهما.
ابن كثير المؤرخ كان متأثراً بابن تيمية في بعض المسائل في العقائد حسبما يظهر في تفسيره وذكره الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمته فيها، قال أي ابن حجر: “أخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه وامتحن بسببه”.
والمقصد أن ابن كثير المؤرخ لا يتهم في ابن تيمية فهو من تلامذته في أشياء ولا يوافقه في أشياء أخرى، يقول في تاريخه المسمى “المختصر في أخبار البشر” في أحداث سنة 705 للهجرة ما نصه: “وفيها استدعي تقي الدين أحمد بن تيمية من دمشق إلى مصر، وعقد له مجلس (أي مجلس محاكمة من العلماء)، وأمسك وأودع الاعتقال بسبب عقيدته فإنه كان يقول بالتجسيم على ما هو منسوب إلى ابن حنبل”.
وفي كلمة ابن كثير الأخيرة في تاريخه أي قوله “على ما هو منسوب إلى ابن حنبل” مخاطرة كبيرة فإنه غمز من قناة هذا الإمام الكبير المنزه لله عن مشابهة المخلوقات. وقد نقل الإمام أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها عن الإمام أحمد قال أي التميمي في كتاب اعتقاد الإمام أحمد: “وأنكر أحمد على من يقول بالجسم، وقال إن الأسماء مأخوذة من اللغة والشرع وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم (الجسم) لذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف، والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمّى (الله) جسماً لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجئ في الشرع فبطل”.
ثم الإمام احمد بن حنبل يكفر من يقول الله جسم وإن قال لا كالإجسام يكفره كذلك، ذكره الحافظ الفقيه بدر الدين الزركشي في كتابه “تشنيف المسامع”.
فلينظر إلى إثبات ابن كثير المؤرخ تلميذ ابن تيمية أن شيخه كان قائلاً بالتجسيم، وغمزه من قناة الإمام أحمد البريء من هذه الفرية الخبيثة كما قرره العلماء الأكابر من الحنابلة أمثال التميمي والحافظ ابن الجوزي وابن عقيل الحنبليان وألفا في ذلك ولا سيما ابن الجوزي التآليف في الدفاع عن الإمام أحمد وصحة عقيدته رضي الله عنه، فليعلم ذلك ولينشر لأنه مهم جداً.
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين