في بيان بركة صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
ورد في حديث رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: “وددت (بكسر الدال الأولى) أنا قد رأينا إخواننا”، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: “بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد”. ولم يقل الرسول: “لا” في جوابه، ولكنه صلى الله عليه وسلم قال: “بل” وفرق كبير بين اللفظين.
قال النووي: قال العلماء في هذا الحديث جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم: “وددت أنا قد رأينا إخواننا” أي رأيناهم في الحياة الدنيا. قال القاضي عياض وقيل: المراد تمني لقائهم بعد الموت. قال الإمام الباجي: قوله صلى الله عليه وسلم: “بل أنتم أصحابي” ليس نفياً لأخوتهم (أي الصحابة، ولو قال “لا” لكان نفياً، ولذلك لا تصح نسبة ذلك إليه صلى الله عليه وسلم)، ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة، فهؤلاء إخوة صحابة، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة كما قال الله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة”، نقله النووي وأقره.
والباجي فقيه أصولي معروف، وهو أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي المالكي. درس في بلاده على علماء الأندلس، ثم رحل إلى الشرق ودرس على أبي إسحق الشيرازي وعلى بعض تلامذة القاضي ابن الباقلاني وهما من كبار الأشاعرة رحمهما الله.
توفي الباجي سنة 474 للهجرة في ألمرية جنوب شرق الأندلس رحمه الله.
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين