من إرث الرحمة من علمه قال غفر الله له ولوالديه: رَوَينا في صحيح ابن حبان وسننِ الترمذيّ من حديث عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: “من أرادَ بُحْبُوحَةَ الجنَّة فَلْيَلْزم الجماعَة”. المعنى: من أراد أن يكون من أهل الجنّة الذين يسكنون بُحْبُوحَتَها فلا يفارق الجماعة. المرادُ بالجماعة جمهورُ الأمّةِ لأنَّ جمهور الأمّةِ في اعتقادهم دائماً على الصَّواب. هذه الكلمةُ الشّائعة على ألسنةِ المسلمين سلَفهم وخلفهم خواصهم وعوامّهم: “ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن”، هذه هي معتقد الرسول ومعتَقدُ الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
“ما شاء الله كان” المعنى كل شىءٍ يدخل في الوجود بمشيئة الله دخل، وأنَّ ما لم يشأ الله في الأزل دخولَه في الوجود لم يكن، لا يدخل في الوجود، لا أحد يستطيعُ أن يغيّرَ ذلك. لو اجتمعَ أهلُ الأرض والسّماء على أن يفعلوا شيئاً من الأشْياء لم يستطيعوا أن يَفعلوا ذلك إلاّ أنْ يكونَ اللهُ شاء في الأزل قبل أن يخلقهم حصولَ ذلكَ الشّىء على أيديهم.
هذه الكلمة من الكلمات المأثورة التي أُثِرَت عن السّلف فبقيت في الخَلقِ ولا تزال باقيةً ما بقي المسلمون على وجه الأرض. وأصلُ هذه الكلمة من صاحب الشّرع صلى الله عليه وسلم (في حديث رواه أبو داود)، ثم تلقّاها المسلمون من الصحابةِ فمن دونهم إلى يومنا هذا وهي ذكر من الأذكار المأثورة.
هذه عين عقيدةِ أهلِ الحقّ لأنها تُثبت وحدانية الله تعالى في تخليقه وتكوينه، المعنى أنه لا يحصل عينٌ ولا أثَر، أي لا يدخل في الوجود عين ولا أثَر، ولا حركة ولا سكون، ولا نيّة ولا إدْراكٌ، إلا بمشيئة الله الأزلية. أي إن كان اللهُ شاء حصول شيء من أعيانِ الأشياء أي أجرامها (أجسامها) أو أثَر من الآثار أي حركة أو سكونٍ، فلا بدّ أن يَحصُل. فنحن لا نعلم إلاّ ما شاء الله لنا أن نعلَمه، قال الشاعر: وأعْلَمُ عِلم اليَوْمِ والأمْسِ قبْلَهُ.. ولكِنَّنِي عَن عِلْم مَا في غَدٍ عَمِي؛ (معناه:) ما سيأتي بعد هذه اللحظة التي نحن فيها غَيبٌ عنَّا (“عمي” معناه لا يعرف ذلك)، فنقول إن شاء الله حصولَ كذا وكذا بعد هذه اللحظة لا بد أن يحصل، وإن لم يكن اللهُ شاء ذلك لا يحصل. المؤمنون على هذا الاعتقادِ يعيشون. انتهى
رحم الله كاتبه وناشره عافانا الله وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين