كانَ عُمرُ سيّدِنا محمَّد حِينَما تُوفّيت أُمُّه سِتّ سنوات ثمّ كَفَلَهُ بَعدَ ذلكَ جَدُّه عبد المطلب فماتَ بعدَ سنتَين ثم صارَ عَمّه أبو طالب شقِيقُ أبيه عبد الله كَفَلَهُ ثم عاشَ أبو طالِب إلى أن كانَ عمرُ الرَّسول أربعينَ فنـزَل عليه الوحيُ وكانَ أبو طالب يَدفَع عن رسولِ الله وينْهَى عنهُ المشركينَ مَا يُخَلّيهم أن يَضربُوه أو أن يَقتُلوه كانَ يُناضِلُ عنه لأنّهُ رأى فيه صِفاتَ الحُسْن، رأى فيه الوفاءَ رأى فيهِ الأمانةَ رأى فيه الصِّدق، في حَدِيثِه، حتى صارَ يُسَمُّونَه أهلُ مكّة الأمِين، مِن شِدّة ما عُرِفَ لهُ مِنَ الأمانة والنّـزَاهَة سمَّوه الأمين، الكفّارُ المشركون كانوا يُسمُّونَه الأمين، لكن بعدَ أن نزَل عليه الوَحيُ فصَار يُسَفِّهُ دِينَهُم ويقولُ لهم اتركُوا هذَا الدِّينَ الذي أنتُم عليه واعبُدوا اللهَ الواحدَ صَاروا يَنفِرُون منه، فمِنهُم مَن يَسُبُّه ومنهم مَن يؤذيْه باليَد ومنهم مَن يؤذي أصحابَه حتّى إنه مِن شِدّةِ أذاهم خَرج مِن مَكّة مع أنّه كانَ يُحبّها أكثرَ مِن كلّ البِلاد، ثم اللهُ تبَارك وتَعالى بعدَ ثَمانِ سنَواتٍ مِن خُروجِه مِن مَكّة أعطاهُ اللهُ تَعالى النُّصْرَةَ علَيهم فكَسَر مُشركِي مكّةَ وأخَذَ مَكّة وكانت الكَعبَة مُعَلَّقًا عليها التّماثيل، الأوثان فحَطّمُوا هذه الأوثانَ فخَضعَت العربُ لهُ بعدَ ذلك، كلُّ العَرب، والجزيرةُ العَربيّة مِسَاحَتُها واسِعَة جِدًا كلُّها استَسلَمَت له، اللهُ نصَرَهُ.