سيّدُنا محمَّدٌ قبلَ أن يَنـزلَ عليهِ الوَحي ما كانَ يُصَلّي ولكن كانَ يؤمِنُ بالله، عَارفًا بالله، ما كانَ قَطُّ جَاهلا بخَالقِه، اللهُ تَعالى جعَلَه يَعلَم بوجودِ الله تبارك وتَعالى وأنّه لا يجوزُ أن يُعبَد أحدٌ سِواه مِن دونِ أن يَقُولَ لهُ أحَدٌ مِن أهلِ بلَدِه، مِن دُونِ أن يَدخُلَ مَدرسَةً ابتدائيةً، الرَّسولُ ما دخَل مدرسةً ابتدائيّةً أمّا سيّدُنا عيسى دخَل مَدرسَةً ابتدائية وموسَى تعَلَّم الخطَّ، إنما سيّدنا محمَّد مَا سبَق لهُ أن تَعلّمَ الخَطّ، مِن غَيرِ أن يتعَلَّم الخطَّ ومِن غَيرِ أن يَدرُسَ على أحَدٍ أعطاهُ اللهُ عِلمَ الأوَّلِينَ والآخِرِين بَعدَما أَنزَل عليه الوحيَ أمّا قبلَ أن يُنْـزِل عليهِ الوَحيَ اللهُ تَعالى قال: ((مَا كنتَ تَدري ما الكتابُ ولا الإيمانُ)) يعني تفاصيلَ الإيمان ما كنتَ تَعرف، اللهُ تبارك وتَعالى امتِنَانًا عليه ليُذَكّره نِعْمتَه التي أنعَم بها عليه قال له: ((وكذلكَ أَوحَينا إليكَ رُوحًا مِن أمرنا)) أي القرآن، ((ما كُنتَ تَدري ما الكتابُ ولا الإيمان)) أي قَبلَ أن نُنَـزّلَ عليكَ هذَا الكتاب ما كنتَ تَعرفُ ما الكتابُ أي ما القرآنُ ولا الإيمانُ أي ولا تَفاصيلَ الإيمان، وما كنت تَعرفُ أحكامَ الإيمان. لكن هوَ كانَ مؤمنًا لكن لا يَعرفُ التّفاصِيلَ إنما تَعلَّم التّفاصيلَ بَعدَ أن أُنزل عليهِ القُرآن، بعدَ أن نَزل القرآنُ عليه تعَلّم تفَاصيلَ الإيمان مِن صلاةٍ مَفرُوضَة وصيام ووُضوء، الوضوءُ أيضًا علّمَه جبريلُ أوّلَ ما أُنزِلَت عليه النّبوة قبلَ ليلةِ المعراج، وكانَ يُصَلّي قبلَ ليلةِ المعراج جبريلُ عَلَّمَهُ كيفَ يُصَلّي وكيفَ يتَوضّأ وإلى أيّ جِهةٍ يَستَقبِلُ الكعبَة عَلّمَه هذَا أوَّلَ ما نَزلَ عليهِ الوَحيُ، أمّا الصّلواتُ الخَمسُ بعدَ سَبع سنَواتٍ ليلَةَ المعراج فُرِضَ عليه، قبلَ ذلكَ كانَ يُصَلّي صلاةَ اللّيل، كانت فَرضًا عليه، باللّيل كانَ يُصَلّي، فالمؤمنونَ الذين آمنوا به كانوا يُصَلُّونَ باللّيل، ليسَ علَيهم فرضٌ بالنّهار إلاّ باللّيل.