رَوَى البُخَارِيُّ ومسلمٌ عن ابنِ مسعودٍ قال: قُلتُ يا رسولَ الله
أَيُّ الذَّنبِ أعظمُ عندَ الله؟ قالَ عليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام: “أَنْ
تَجعَلَ للهِ نِدًّا وَهوَ خَلقَك”، قالَ قلتُ ثُمَّ أَيُّ؟ قالَ: “أَنْ
تقتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ”، قالَ قلتُ ثمَّ أَيُّ؟
قالَ: “أَنْ تُزانيَ حَليلةَ جارِك”.
وَقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: “لزَوَالُ الدُّنيا أهونُ على الله
مِنْ قَتلِ مؤمنٍ بغيرِ حَقٍّ” رواهُ ابنُ ماجَه.
فَبهذا بَيَّنَ رسولُ اللهِ صَلَّى الله عليهِ وَسَلَّم أنَّ أعظَمَ
الذّنوبِ بَعدَ الكُفرِ باللهِ تعالى هو قَتلُ المسلِم بغير حَق يليه
الزنىٍ. وَالدِّينُ لا يُؤخَذُ منَ الجُهَّال، فَلَيسَ صَحيحاً ما يَقوله
بعضهم مِن أنَّ الشَّخصَ الذي يوقِعُ بَينَ اثنينِ أو أَكثَر يَكونُ
ذَنبُهُ أَشَدُّ منَ القَتلِ بِغَيرِ حَقٍّ. أكبر المحرّمات الكفر ثم
القتل كما ذكر الحديث، وليس مجرد نقل الكلام بين الناس للإيقاع بينهم.
أمَّا الآيَةُ الكَريمَةُ “وَالفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتل” (البقرة،
191) فمعناها أنَّ الشِّركَ باللهِ أَعظَمُ من القَتل.
وَهاكُم بَعض أَقوالِ العلماءِ في تَفسير هذهِ الآيَة:
قال الطَّبَريُ: “يَعني تَعالى ذِكرُه بقولِه “وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ
القَتْل” والشركُ باللهِ أشدُّ منَ القَتل”،
وقال القُرطُبِيُّ: “أي شِركُهُم باللهِ وَكُفْرُهم بهِ أعظَمُ جُرْماً
وأشدُّ منَ القَتل”.
وقالَ ابنُ الجَوزيّ: “فأمَّا الفِتنَة ففيها قَولان، أحدُهما أنَّها
الشّركُ قالَه ابنُ مسعود وابنُ عباس وابنُ عمر، والثاني أنَّها ارتدادُ
المؤمِنُ إلى عبادةِ الأوثانِ قالَه مجاهد”.
فَبَعدَ هذا البيان المُختَصَر نُذَكِّرُكُم بأنَّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: “مَنْ صَمَتَ نَجا” رواه الترمذي،
وبأن َالدِّينُ لا يُؤخَذُ منَ الجُهَّال، فَما يَقوله بعضهم مِن أنَّ
الشَّخصَ الذي يوقِعُ بَينَ اثنينِ أو أَكثَر يَكونُ ذَنبُهُ أَشَدُّ منَ
القَتلِ بِغَيرِ حَقٍّ، هذا القَولُ ضَلالٌ وَتَكذيبٌ للدّين يجب على
قائِلِهِ او من اعتقده أنْ يَرجِعَ إلى الإسلامِ بِالشَّهادَتين.