نفي الكيفية عن الله بالمطلق هو عقيدة الإسلام ولا يوجد رواية صحيحة مسندة عن الإمام مالك فيها لفظ “والكيف مجهول” في تفسير آية الاستواء. الثابت عن إمام الأئمة مالك رضي الله عنه أربع عبارات:
الأولى رواها الترمذي عنه وعن الإمامين المجتهدين ابن المبارك وابن عيينة هي: “ولا يقال كيف”، وهو نص المجتهدين الثلاثة الأوزاعي والثوري والليث بن سعد كذلك كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري؛
والثانية قوله “بلا كيف” وهو ما نص الترمذي في سننه كذلك، على أنه قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، ولا شك في أن الإمام مالك بن أنس من رؤوسهم ورؤسائهم. أقول وهو واضح في أن نفي الكيف عن الله بالمطلق منصوص على أنه مجمع عليه منذ أيام السلف الصالح (لا أعني الوهابية التيمية الضالة)، وهو أي نفي الكيفية عن الله، معلوم من دين الإسلام ضرورة.
والروايتان الأخريان الثالثة والرابعة رواهما البيهقي ورواهما غيره من حفاظ الحديث كذلك، وذكرهما الحافظ ابن حجر في شرح البخاري، إحداهما “وكيف عنه مرفوع” أي غير جائز في حق الله سبحانه؛ والأخرى “والكيف غير معقول” معناه أن الكيفية لا تجوز على الله عقلاً فهي من المستحيلات العقلية في حقه تعالى، ومثلها الظلم والعبث والحركة والسكون والمكان والجهة. كلّ ذلك لا يجوز على الله. وكذلك الشريك والولد والزوجة مستحيل في حق الله.
وكلّ تلك الروايات الصحيحة الثابتة عن مالك رضي الله عنه تنفي عن الله الكيفية بالمطلق وهو إجماع السلف كما قال الترمذي.
وذكر الحافظ ابن حجر في كتاب التوحيد من شرح البخاري أن الحافظ اللالكائي أخرج عن أم سلمة رضي الله عنها قالت “والكيف غير معقول”، ومثل أم المؤمنين قال ربيعة وهو أحد مجتهدي السلف، فتبيّن أن من قال بخلاف ذلك فهو مخالف للإسلام والسلف قاطبة.
أما من قال “والكيف مجهول”، فإن أراد أن الله له كيفية وشكل وصورة لا نعرفها، فهذا لا يعرف الله ولا هو عابد لله تعالى الذي وصف نفسه في القرآن فقال “ولم يكن له كفوا أحد”، أي لا شبيه له تعالى.
أما إن كان يفهم من عبارة “والكيف مجهول” أن الاستواء لا أعرف حقيقته ولا تفسيره مع التنزيه عن صفات المخلوق، فهنا نقول له إن هذه العبارة لا سند لها إلى مالك رضي الله عنه، والإسناد من الدين كما قال ابن المبارك، رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
ولا يكفي أن تلك العبارة في كتاب ما، فإن الكتب دخلها تحريف المشبهة وغشهم، والعبرة بالإسناد. الإسلام دين إسناد، وكلٌّ يؤخذ منه ويُردّ إلا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة، وإجماع أهل العلم كذلك حجة من حجج الدين بالاتفاق لا يخالف إلا مبتدع؛
علموها إخواني أهلكم وأولادكم ورفقاءكم، وانشروها رحم الله من نشرها وبارك فيه وفي ماله وأهله وذريته ومن قال آمين، الله يرزق ناشرها وأهله رؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم عاجلاً وآجلاً وعافية الدين والدنيا، آمين آمين آمين