روى الحافظ أبو الحسن الرزاز المعروف بـ بحشل (292 هـ.) في تاريخ واسط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “خرج حنظلة بن الراهب وحمزة بن عبد المطلب يوم (معركة) أحد وهما جنبان (بسبب الجماع ولم يكونا اغتسلا حين خرجا للجهاد)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فرأيتُ الملائكة تَغسِلُهُما” أي بعد استشهادهما تكريماً لهما وإظهاراً لشرفهما.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ “أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ” فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ “سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ”.
الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة ذلك يعاتبه، يناديه أبا هرّ تحبَباً، ويبيّن له رضي الله عنه أنه كان خيراً لك أن تبقى في مجلسي وأن ذهابك للغسل كان يمكن تأخيره بحيث لا تفوتك صلاة واجبة، ولكن فاتك بسبب ذهابك هذا خير كبير، وفيه أن المؤمن وإن كان على جنابة فإنه لا ينجس.
وكذلك المرأة وإن كانت في حال الحيض أو النفاس أو الاستحاضة لا تكون نجسة، ففي صحيح مسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأم المؤمنين سيدتنا الطاهرة المطهرة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما: “يَا عَائِشَةُ نَاوِلِينِي الثَّوْبَ”، فَقَالَتْ إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ” قالت فَنَاوَلَتْهُ (أي الثوب).
وكذلك الكافر ليس نجس الذات والبدن ولكن اعتقاده الشريك أو الشبيه لله عز وجل نجاسة معنوية وهذا معنى قول الله تعالى “إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ” (التوبة، 28)، نسأل الله السلامة والوفاة على الإيمان آمين،