روى مُسلم في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنّ اليهود حرّفوا
حُكم الله الذي أنزله في التوراة في الزاني المُحصَن أي المُتزوّج، قالوا
بالجلد والتحميم وهو تسويد الوجه بالفحم. وقد أنزل الله تعالى الرّجم في
التوراة الاصلية فحرفوه الى الجلد والتحميم، فنزلت فيهم الآية “ومن لم
يَحكُم بما أنزَلَ الله فأولئك هم الكافِرون” وكذلك “فأولئك هم الفاسقون”
والتي فيها “فأولئك هم الظالمون” (سورة المائدة).
وليسَ في الآية الأولى تكفير الحاكم المُسلم الذي يحكُم بغير الشّرع كما
يفعل جماعة سيد قطب، فإن المُسلم قد يحكُم بأحكام عُرفية لأنها من عُرف
الناس ومُتداولة بينهم بالقانون، وليسَ معنى ذلك أنه مُعترفٌ بصحتها ولا
هو قائل بأفضليتها على القرآن ولا أنها تساويه. المسلم لا يجحَد حُكم
الله في المسائِل التي لا كفر فيها من القانون. هنا متى خالف الشّرع
حرامٌ ولكنه ليسَ كُفراً.
قال ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى “ومن لَم يَحْكُم بما
أنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون”، ليسَ الذي تذهبون إليه، الكُفر الذي
ينقُل عن المِلّة، بل كُفرٌ دون كُفر، أي ذنبٌ كبير.
رواه الحاكم في المُستدرَك، وهذا ثابتٌ عن ابن عباس صححه الحاكم والذهبيّ وافقه.
ومعلوم عند المُسلمين أنّ من ارتكب ذنباً كبيراً لا يكفُر إن لم يستحلّ
هذا الذنب، يعني ذلك أنه إن استحلّ الحرام وهو يعلم بأنه حرام فهنا يكفُر
لأنه استحلّ ما يعتقد انه لا يجوز في شرع الله.
فمن الذين كفّروا المٌسلمين جُملةً سيد قطب الذي قال في كتابه ظلال
القُرآن (2/1057) “لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى
البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدّت البشريّة إلى عبادة العِباد وإلى
جَور الأديان ونكصَت عن لا إله إلا الله” إلى أن قال اي سيد قطب “ارتدت
البشرية بجُملتها حتى أولئك الذين يُردّدون على المآذن كلمات لا إله إلا
الله بلا مدلول أو واقع، ارتدوا إلى عبادة العباد”.
سيّد قُطب كفّر الأمة جُملةً لأجل عدم تطبيق الحاكم لكثير من احكام
الشرع. سيد قطب وافق الخوارِج الذين قاعدتهم تكفير مُرتكب المعصية، وقد
ذكر الإمام أبو منصور البغدادي أنّ صنفاً من الطائفة البيهسيّة من
الخوارِج كانت تُكفِّر السُّلطان إذا حكم بغير الشّرع وتُكفّر الرعايا من
تابعه منهم ومن لم يُتابعه، ذكر ذلك في كتابه الفرق بين الفِرَق. فيُعلَم
من ذلك أنّ سيد قُطُب ليسَ له سلف في تكفيره امة الاسلام إلا الخوارج
والعياذ بالله تعالى، هو انحرف عن الشيخ حسن البنا رحمه الله. الشيخ
البنا كان صوفياً افكاره تضادّ أفكار قطب ومن أشبهه.