قال شيخنا رحمه الله
الحمد للهِ ربّ العالمين له النّعمة وله الفَضل ولهُ الثّناءُ الحسَن صلواتُ الله البرّ الرَّحيم والملائكةِ المقَرّبين على سيّدِنا محمَّدٍ أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانِه الأنبياء والمرسلين وسلامُ الله عليهم أجمعين مِنَ الفوائدِ العِلميّةِ أنّ الذي يُصَلّي على النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَطلُوبٌ منهُ أن يُصَلّيَ على غَيرِه منَ الأنبياءِ ويُسَلِّمَ عليه، لكنّ الفَرضَ الصّلاةُ على نبيّنا محمَّدٍ في كلِّ صلاةٍ، بعدَ التّحيات أليسَ يُصلَّى عليه، مَن لم يُصَلّ عليهِ فعَليه ذَنبٌ يُعَذَّبُ في الآخِرة، يَستَحِقُّ العَذاب، الذي لا يَقُول بعدَ التّحيّات الصّلاة على النّبيّ يكونُ عليه إثم، الذي لا يُصَلّي على سيدِنا محمَّدٍ في صلاتِه فهوَ عَاصي، مُذنِب، أما الصّلاةُ على غيرِ سيّدِنا محمَّدٍ منَ الأنبياء فهو سُنَّةٌ ليسَ فَرضًا، فإذا صَلَّى أحَدُنا على النّبيّ يُسَنُّ لهُ أن يصَلّيَ على إخوانه النّبيّين مِن آدمَ إلى سائرهِم أي جميعِهم.ثم إنّ أهمَّ الأمور في دِين الله تَعالى وأنفعَ الأشياء في الآخِرة هو الإيمان، الثّباتُ على الإيمان بتَجنُّب الكفر، هكذا يكونُ الثّبات على الإيمان، مَن تجَنّب الكفرَ القَوليّ والفِعليّ والاعتقاديَّ حتى ماتَ وهوَ على هذه الحال هذَا مَضمونٌ لهُ دخُولُ الجنَّة بفَضلِ اللهِ ورَحمتِه، لا بُدَّ أن يَدخُلَ الجنَّة، فمنهُم مَن يَدخلُ الجنَّة مِن دون أن يُعذّبَ وهم عبادُ الله الأتقياء مِنَ الرّجال والنّسَاء وهُم الذينَ يؤدّونَ فَرائضَ اللهِ ويَجتَنِبُونَ ما حَرّمَ الله، ومِن جملَة ما فرَض الله تَعلّم عِلم الدِّين، فمَن تعَلّم عِلمَ الدِّين الضّروريَّ وأَدّى الواجباتِ واجتنَب المحرّمَاتِ فهوَ إن كانَ ذَكرًا وإن كانَ أُنثَى فهو مِن عبادِ الله الذينَ لا خَوفٌ علَيهم ولا هُم يَحزَنون، قبلَ الموت يُبَشّرهُم ملائكةُ الرَّحمة وعَزرائيل يُبَشّرُهم، هؤلاء يتَقدَّمُون عزرائيل، عزرائيلُ بعدَ هؤلاء يأتي، يَجلِسُ عندَ رأسِ الميّت ويُبَشّرُه أيضًا بأنّه إلى الجنَّة وأنّ اللهَ رَاضٍ عنه، يُبَشّرُه بذلكَ فيمتَلئ سُرورًا، مَهما كانَ هوَ في سَكَرات الموتِ متَألِّمًا لكن يَمتلئ سُرورًا بهذا التّبشِير الذي يُبَشّرُه عزرائيل وبالتّبشِير الذي يُبَشَّرُه قبلَ عَزرائيلَ مِن أولئك الملائكة، ملائكةِ الرّحمَة، يَهُونُ عليهِ سَكَراتُ الموت، مع أنّ سَكَراتِ الموت هوَ أشَدُّ ألَمٍ يَذُوقُه الإِنسانُ في هذه الحياةِ الدُّنيا، هوَ سَكْرَةُ الموتِ أَلمُه كألفِ ضَربَةٍ بسَيف، لكن تلكَ السّاعَة الإِنسانُ كأنّ مفَاصِلَه تَنحَلُّ، كأنّها ليسَت متّصلَةً بعضها مع بَعض واللّسانُ يَرتَبِطُ، أغلَبُ النّاسِ لا يتَكلَّمُون، لا يَستَطِيعُون أن يتَكلَّمُوا مِن شِدّة الألم تتفَكَّكُ أجسَامُهم، ثم لا يُساعِدُه جِسمُه على التّجَوّل في البيتِ أو خَارج البَيت. هذَا مِن شِدّة الألم الذي نزَل به مع هذه الحالِ أولياءُ الله أي عبادُ اللهِ الصّالحون والصّالحات يَهُونُ علَيهم هذَا لِمَا دَخَلَهُم منَ الفرَح والسُّرور لأنّ مُستَقبَلَهُم ليسَ فيه خَطرٌ ولا خَوف، لا يَخافُونَ هذَا القَبرَ الذي يَخافُه الناسُ الآنَ، ولا يَخافُونَ ما بَعدَ القَبرِ ومِنَ النَّاس مَن يَرى الرَّسولَ تِلْكَ السّاعةَ عِيَانًا، يقَظةً ويَرى أولياءَ اللهِ ويَرى الحُوْرَ العِيْن، بَعضُ النَّاس يرَون الحُورَ العِين، وهم في أمَاكنهِم والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم في قَبرِه اللهُ تَعالى يَجعَلُ هذه الحُجُب، هذه الجِبالَ والتّلال التي بينَ مَكانِ هذَا الشّخص المريض الذي هوَ في حالِ النّـزاع والمدينةِ المنوّرة، يَجعَلُ اللهُ ما بَينَه وبينَ القَبر الشّريف كأنَّه بِلَّوْر، فيَرى الرَّسولَ، والرَّسولُ يَضْحَكُ إليه ويُبشِّرُه وكذلكَ يَحضُره كثيرٌ منْ أولياءِ الله وكذلكَ مَلائكةُ الرّحمة يَحضُرون، أمّا ملائكةُ الرّحمة حضُورُهم لا بُدّ منه، كُلُّ إنسانٍ تقِيّ رجُل أو امرأة لا بُدَّ أن يَحضُروه عندَ النّـزاع، عندَ مُفَارقَةِ الدُّنيا، فالذي يتَعلّم ما فرَض اللهُ عليه مِن عِلم الدِّين، ما يُصَحّح به عقيدَتَه أي ما يَعرف به اللهَ تَبارك وتَعالى بأنّه موجُودٌ مِن غَيرِ كَيفِيّةٍ ولا شَكلٍ ولا مكان ولا كمّيّة، الله منَـزّه عن الكَميّة والكَيفِيّة أي الشّكْل، فلا وجُودَ كذلكَ إلاّ الله، ما سِوى الله لا بُدَّ لهُ مِن هيئَةٍ، كَيفِيّةٍ أي هيئة، ولا بُدّ أن يكونَ مَحدُودًا لأنّه لهُ كمّيّة، الشّىءُ الذي له كمّية فهو محدُود، هذه الأرضُ لها حَدٌّ يَعلَمُه الله، والعَرشُ الكريمُ الذي هذه الأرضُ بالنّسبَة إليه كنُقطَةٍ بل أقلّ مِن نُقطَةٍ مِن الحَرف، في جانب الحَرف، هذه بالنّسبَة للعَرش الكريم شىءٌ صَغير جدًّا في نهايةِ القِلّة، في غَايةِ الصّغَر بالنّسبَة للعَرش ومع ذلك ذلكَ العَرشُ الكريمُ مَحدُودٌ، الله تَعالى يَعلَمُ حَدّهُ، ليسَ شيئًا ممتدًّا لا انتهاءَ لهُ لأنّه يَستَحِيلُ أن يُوجَدَ في العالَم شَىءٌ مُمتَدٌّ امتِدادًا لا انتهاءَ لهُ، مَهما اتّسَع امتدادُ الشّىء فلا بُدّ لهُ مِن انتهاء، أمّا اللهُ تَبارك وتَعالى فهو منَـزَّه عن الحدّ كمَا هو مَذكورٌ في كلام الإمام أبي جَعفَر الطّحاوي.فمَن عَرفَ اللهَ ولم يُشرك به شيئًا أي لم يَعبُد غَيرَه أي اعتقَد أنّه لا أحَد يجُوز أن يُعبَد أي أن يُتذللَ لهُ نهايةَ التذلّل إلا هو، هذَا عرَفَ الله، والرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم معْرِفتُه بأن يَعتَقد الإِنسانُ أنّه صَادقٌ في كُلّ ما جاءَ بهِ مِن قِبَل الله تَعالى، ما حرَّمَهُ الرَّسول على أُمّته فهوَ حَرام، ما حرّمَه الرَّسولُ على البشَر فهو حَرام وما قالَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم فَرضٌ على البشَر فهو فَرض وما قال الرَّسول إنّه يكونُ في المستَقبل فلا بُدّ أن يكونَ وما قالَ الرَّسولُ إنّه حصَل فيما مضَى للنّبي فلان والنّبيّ فلان وفلان وغير ذلكَ مِن أخبار الأُمم الماضِين فالأمر كذلك، مَن آمن بهذا وصدّقَه في كُلّ ما جاءَ بهِ سيّدُنا محمَّد فهذا عرَف الرَّسولَ كما عرَف الله تَعالى، فهذا مُسلِم مؤمن. ليسَ معنى المؤمن الذي يؤدّي الواجباتِ كُلَّها وبحيث إنّ الذي لا يؤدّي الواجبات لا يُسَمَّى مؤمنًا كما يتَصوَّر بعضُ النَّاس مِن جَهلِهم. بعضُ النَّاس مِن جَهلِهم إذا قيلَ مؤمنٌ فهوَ الذي يتَمسّك بشَرع الله تمامًا أمّا مَن لا يتَمسَّك بشَرع الله تمامًا فعَلى زَعمِهم ليسَ بمؤمن، وهذا غلَطٌ، المؤمنُ مَن آمن بالله ورسولِه إن كانَ مقَصّرًا في أداء واجباتِ الدّين فهو مؤمنٌ عاصي وإن كانَ هذَا المؤمن يؤدّي جميعَ ما افتَرضَ اللهُ عليه ويجتَنبُ جميعَ ما حرَّم اللهُ عليه فهو مؤمنٌ كامِلٌ.لكن هذَا ينطَبق عليه اسمَ المؤمن وهذا يَنطَبِق عليه اسمَ المؤمن. كذلكَ المسلم، مَن اعتقَد هذَا الاعتقادَ فهو مسلم. ثم إنْ كانَ يؤدّي جميعَ ما افتَرض الله عليه ويجتَنب جميعَ ما حرَّمَ الله عليه فهو مؤمنٌ مسلِم كاملٌ وإن لم يكنْ كذلكَ فليسَ مُسلِمًا كاملا، هو مسلِمٌ ناقِصٌ، لكن كِلاهما لا بُدّ أن يَدخُل الجنَّة، والمسلمُ الكامل أوْلى بأن يَدخُلَ الجنَّة، ثم مِن فَضلِ اللهِ ورَحمتِه بعضُ المسلمينَ الذينَ هم مُقصّرونَ في طَاعةِ اللهِ اللهُ تَبارك وتَعالى يَرحَمُهم بنَوعٍ مِن أنواعٍ الشّهادةِ غَير شَهادَة المعركة، فيَكُونُونَ هؤلاء ناجِينَ سَالمينَ في القَبر وفي الآخِرة، لا يصِيبُهم شَىءٌ مِنَ النّكَد في القَبر ولا في الآخِرة بفَضلِ الله ورَحمَتِه فلِذَلكَ لا تَحقِرُوا أحَدًا منَ المسلِمين، لو وجَدتمُوهُم مُقَصّرينَ في العِباداتِ لا تقُولوا في أنفُسِكُم هذَا ليسَ لهُ شَىءٌ عندَ الله، ما يُدرِيكُم بأنّ هذَا الإِنسانَ يُميتُه الله على الإيمان ويَرزقُه نَوع شَهادة، الشّهاداتُ كثيرة، الذي يَقتُله بَطنُه أي يموتُ بالإسهال فهوَ شَهيدٌ ليسَ علَيه عَذابٌ في القَبر ولا في الآخِرة، أو احتِباسُ الخرُوج، بعضُ النَّاس يَحتَبِسُ علَيهمُ الخروجُ فيتَعذَّبون، الرّيحُ والغائطُ يَحتَبسُ هذَا مِن أشَدّ الأمراض هؤلاء أيضًا شُهداءُ عندَ الله، والمقتُول ظُلمًا فهوَ شَهيدٌ، كثِيرٌ مِن المسلِمينَ وإن كانوا عندَ النَّاس لَيسُوا مُعتَبَرِين لهم عندَ اللهِ تَبارك وتَعالى مَنـزلةً عَاليَةً بأنْ يُرزَقوا نَوعًا مِن أنواع الشّهادَة فلا يَنبَغِي أن يُسَاءَ الظّنُّ بالمسلم إذا قيلَ لنا إنّ فُلانًا توفّي وكنّا نَعرفُ منهُ التّقصيرَ في العِباداتِ، لا يَلِيق بِنا أن نَحتَقِرَه في أنفُسِنا ونقول هذَا ليسَ لهُ شىءٌ عندَ الله، نقولُ هذَا لعَلَّه ماتَ على الإيمانِ ورُزِق نوعًا مِن أنواع الشّهادَةِ فهوَ عندَ الله تَعالى سَالمٌ نَاجٍ في قَبرِه وفي آخِرَتِه ليسَ علَيهِ نَكَدٌ وَلْيَبْكِ الإنسَانُ على نَفسِه، ليَقُل على أيّ حَالٍ أمُوتُ، إنْ مُتُّ وأنا على حَالَةٍ حسَنَةٍ فيَا فَوزي ويا فرَحِي وإنْ مُتّ على حَالَةٍ سَيّئةٍ فيَا خَيبَتي إنْ لم يتَدَاركْني اللهُ برَحمَتِه وعَفْوه. الإِنسانُ ليَبْكِ على نَفسِه بدَلَ أن يُفَكّرَ في أحوالِ المسلِمينَ الذينَ يمُوتُونَ ولا يُعرَفُ لهم التّمَكُّنُ في الطّاعَةِ والعِبادَةِ بل يَعرفُهم مُقَصّرينَ يقُولُ لعَلّ هؤلاء ماتوا على نَوع مِن أنواع الشّهادَة فهُم عندَ اللهِ سَالمونَ نَاجُونَ ما علَيهِم عَذابٌ لا في القَبر ولا في الآخِرَة، معَ ذلكَ، معَ تَحسِين الظّنّ هذَا يَنبَغي للإنسانِ أن يُحاسِبَ نَفسَه يقُولُ ماذا أهمَلتُ منَ الواجِبات، كلّ يَوم يُحاسِب نَفسَه ولا سيّما عندَ النّوم، يقولُ اليومَ ماذا حصَل مِني منَ المعاصي فإنْ كانَ مما يَستَطيعُ أن يتُوبَ منهُ بالنّدَم والعزم على أن لا يَعُودَ نَدِمَ وعَزَم أنّه لا يَعُود فيَكونُ تائبًا، فيَكونُ كأنّه لم يَعمَل هذَا الذّنب، وإن لم يَعلَم مِن نَفسِه أنّه وقَع اليوم في مَعصيَة ليَحمَد الله تَعالى يقولُ قضَيتُ هذَا اليومَ بسَلامَةٍ فالحَمدُ لله. ثم إنّ أهَمَّ ما يَعتَني بهِ الإِنسانُ أمُورُ الصّلاة، هذَا بَعدَ صِحّةِ الإيمانِ أهَمُّ شَىءٍ الصّلواتُ الخَمس، الصّلَواتُ الخَمسُ لها مِفتاح، مِفْتاحُها الطّهارةُ والطّهارةُ عندَ كثيرٍ مِن النَّاس الجاهلِينَ منَ الرّجال والنّساء كأنّ الذي يَشتَغِلُ بتَعلُّم أمُورِ الطّهارةِ إنسَانٌ ضَعيفُ الفَهم، إنسانٌ ضَعيفُ النّظَر والتّفكِير مع أنّ هذَا منَ الأمُور العِظَام لأنّ الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “*الطُّهُورُ شَطرُ الإيمان*رواه ابن حبان” أي نِصفُ الإيمان، الطُّهورُ يَشمَلُ الطُّهورَ مِنَ الحدَث الأصغَر والحدَث الأكبَر، الطُّهُوْرَ منَ الجنَابَة، الطُّهوْرَ مِن حدَثِ الحيض الطُّهُوْرَ مِن حدَث النّفَاس بالنّسبَة للنّساء طُهورَانِ خَاصّانِ بالنّساء، الطُّهورُ مِنَ الحَيض والطُّهورُ مِنَ النّفاس. أمّا الطُّهور المشتَرك بينَ الرّجال والنّساء فهوَ الجنَابةُ والحدَثُ الأصغَر مُشتَركٌ بينَ الرّجال والنّساء، هذَا الحدَثُ الأصغَر لهُ فُروعٌ لهُ تَفاصيل، الْمَذْيُ يُثبِتُ الحدَثَ الأصغَر وهذا المذيُ يَشتَركُ فيهِ الرّجالُ والنّساءُ وهوَ مَاءٌ لَزِجٌ يَخرُج عندَ ثَوَران الشّهوةِ في ابتِداءِ الشّهوَة أمّا المنيّ فهو يَخرُج عندَ انتهاءِ الشّهوة، هذَا مما يَفتَرقُ بهِ المنيّ عن المَذْيِ، كِلا الأمرَين يَحصُل للرّجال والنّساء فيَجِبُ الطّهارةُ مِن هذَا كُلِّه الطّهارةُ مِن المَذْي والطّهارة منَ البول، أمّا الطّهارة منَ الجنَابة فهو بالاغتسَال أي بتَعمِيم الجسَد بالماءِ، وأمّا الطّهارة مِنَ الحَيض فهوَ كذلكَ أي تَعمِيمُ الجسَد بالماء بعدَ انقِطاعه، كذلكَ الطّهارةُ منَ النّفاس هو تَعميمُ الجسَد بالماء بعدَ انقطَاعِه، هذَا لمن استَطاعَ استِعمالَ الماءِ أمّا الذي لا يَستَطيعُ استِعمالَ الماءِ لمرض فهوَ يتَيمَّم في مَذهَب إمامِنا الشّافعِيّ بالتّراب الطّهُور لا غَير، لا يصحّ التّيمّم بغَير التّراب عندَ الشّافعي أمّا عندَ مالك والإمام أحمَد والإمام أبي حنيفةَ يصِحُّ التّيمّم بالحجَر، فلْيَتّخذ الإنسانُ حَجَرًا في بَيتِه، إذا وجَد نَفسَه لا يَستَطِيعُ استِعمالَ الماءِ لمرضٍ في جِسمِه يضعُ يدَه على هذَا الحجر ويَنوي استباحَة الصّلاة، ولا يُشتَرطُ نَوعٌ خاصّ مِن الحِجارة بل أيّ صِنف مِن الحِجَارة يصِحُّ التّيمُّم به لو كانَ مَبلولا بالماء، ليسَ شَرطًا أن يكونَ الحَجرُ جَافًّا، أمّا التّرابُ لا بُدَّ أن يكونَ لهُ غُبار، يُضرَب عليه ثم يَعلَقُ الغُبار بالكفِّ فيُمسَح الوجهُ أوّلا ثم الكَفّانِ عندَ الإمام مالِك يكفي، هذَا القَدرُ يَكفي للجَنابة وللحَدثِ الأصغَر.أمّا البَولُ فهوَ أشّدّ أنواع الخبَث الذي يَخرُج مِن ابنِ آدم، البَولُ اللهُ تَبارك وتَعالى شدَّدَ في أمرَه ما لم يُشَدّد في سائرِ النّجاسَات، سائرُ النّجَاسات لو غمَسَ الإنسانُ يدَه فيها بدُونِ سبَب كأن غمَس يدَه بنَجاسَةِ الدّم أو في غيرِ ذلكَ عندَ بَعضِ الفقهاء معصيَة لكن ليست معصيَةً كبِيرة، أمّا البولُ فأَمرُه شَديد شَديدٌ، الرَّسول قال: “*اسْتَنْزِهُوا مِنَ البَول فَإِنَّ بني إسْرائيلَ كانوا إذا أصَابهُم البَولُ يَقطَعُونَه بالمِقْرَاضِ*رواه أحمد والحاكم والبيهقي” أي بالمقَصّ،(بَعضُهم قال المرادُ بيَقطَعُونَه قَطعُ جِلدِ الثّوبِ الذي يَلبَسُونَه إنْ أصَابَه البَول) أي كانَ هذَا شَرعُهم الذي فرَضَه اللهُ علَيهم، مَن أصَابَهُ البَولُ يَقطَعُه، يَقطَعُ ذلكَ الموضعَ بالمقَصّ، لا يَكفِي الماءُ عندَهم، الماءُ لا يُطَهّرُ البولَ إلا القَطع بالمقَصّ في شَرع بَني إسرائيل، ثم كانَ فيهم زَعيمٌ مِنَ الزُّعَماء، مَسمُوعٌ، مُطَاعُ القَولِ فيهم لكنّه فاسِدٌ مُفسِدٌ قال لهم لا تَفعَلُوا هذَا فمَنعَهُم فلَمَّا ماتَ عُذِّب في قَبره، الرَّسول قال: “*استَنـزهوا مِنَ البَولِ فإنّ عَامَّةَ عذابِ القَبرِ مِنه*رواه الدار قطني” أي أكثرُ عذابِ القَبرِ الذي يُصِيبُ البشَرَ هوَ مِنَ البَول، البولُ واجِبٌ مؤكَّد تَجنُّبُه والتّنَـزُّهُ منه، ثم اللهُ تبارك وتَعالى جعَل لنا رُخصَةً في شَرع سيّدنا محمَّد بالنّسبَة للاستِنجاء، إمّا بالحجَر والورَق أو بالماء، يَكفي الورَقُ وَحْدَه مع وجُودِ الماء ويَكفي الماءُ وَحدَه بدُونِ استِعمال شَىءٍ قَبلَه مِن ورَقٍ وخَشَب ونحوه كخِرقة، هذَا مِن رحمةِ الله تبارك بعبادِه لو كانَ لا يصِحّ الاستِنجاءُ مِن البول إلا بالماءِ لكانَ في ذلكَ عُسْرٌ شَديدٌ فلا تَسمَعُوا لكلام الجاهِلِينَ مِن الرّجالِ والنّساء الذينَ يَستَهِينُونَ بأمرِ الطّهارةِ بل بَعضُهم يَعتَبِرُونَ سَخَافةً الذي يتَعَلَّم أمُورَ الاستِنجاء والغُسلِ مِن الجنَابة، يَعتَبِرونَه مِن شِدّة جَهلِهم بالدّين سَخَافةً وخِفَّةَ عَقل، فلا حولَ ولا قُوّةَ إلا بالله.هؤلاء لو كانُوا يَعرفُونَ دِينَ اللهِ مَا استَخَفّوا بالطّهارة، بَعدَ قولِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم: “*الطُّهُورُ شَطرُ الإيمان*”كيفَ يَستَخِفُّ الذي يؤمن باللهِ ورسُولِه بالطُّهور. قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (محرر) “*الطّهُورُ شَطرُ الإيمان*” (إلى هنا) هذَا الحديث رواه أبو داود في السنن ورَواه ابنُ حِبَّان في صحيحه.