العلم ثلاثة: كتاب ناطق وسنة ماضية ولا أدري.

Arabic Text By Jul 12, 2014


روى إمامنا مالك رضي الله عنه عن سلمان الفارسي كتب الى ابي الدرداء وقد
عيّن قاضياً في بلاد الشام: “قد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت
تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطبّباً فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار.
فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما وقال: ارجعا
إليّ أعيدا عليّ قصتكما، متطبّب والله”. يريد ابو الدرداء رضي الله عنه
اتهام نفسه وهو من علماء الصحابة، فكيف لبعض الناس ان يهجموا على الإفتاء
بالرأي والهوى، يقولون هذا حلال وهذا حرام من غير ان يكون لهم مرجع في
الدين لا من كتاب الله ولا من سنة نبيّه صلى الله عليه وسلم.
فقد روى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: العلم ثلاثة: كتاب ناطق
وسنة ماضية ولا أدري.
وذَكَر ابن الجوزي في كتابه تَعظيِم الفُتْيا عن البراء بن عازب رضي الله
عنه قال: لقد رأيتُ ثلاث مائةٍ من أهلِ بَدْرٍ ما مِنهُم مِن أحدٍ إلا
وهو يُحِبُّ أن يَكفِيَه صاحبه الفَتوَى.
وأصحاب بدر من كرام صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان من المجتهدين الأكابر قال: أدرَكتُ
مائةً وعِشرينَ مِن الأنصار مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
يُسألُ أحَدُهم عن المسألة فَيَرُدُّ هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى
تَرْجِعَ إلى الأوَّل.
حال السلف لم تكن التصدّر للفتوى كيفما اتفق. ولكن كانوا يخافون الله
تعالى مع الاجتهاد في ارشاد الناس للخيرات، وليس المقصود التكاسل عن
الارشاد وترك اغاثة الملهوف فإن فيهما اجراً كبيراً، ولو انهم تكاسلوا ما
وصل الاسلام الى انحاء الدنيا وأطراف الأرض في نحو مائة سنة، رحمهم الله
ورحمنا بهم دنيا وآخرة، آمين