قال شيخنا رحمه الله
ثم إنّ الذي مَنَّ اللهُ عليهِ برؤية رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمنام فهوَ على إحدى حالتَين إمّا أن يَراه بصِفَتِه التي كانَ عليها وإمّا أن يَراه بغَير تلكَ الصِّفة، الذي يَراه بصُورَته الأصليّة يكونُ أعلَى يكونُ أعظَمَ بُشرَى، بُشرَاهُ أعظَم مِن بُشرَى الذي يَراهُ بغَيرِ صُورَتهِ الأصليّة، صُورتُه الأصليّةُ أوجَزُ صِفَةٍ يُوصَف بها ويَضبِطُ بها الشّخصُ أنّه هوَ رسولُ الله هو أجملُ خَلقِ الله مَن رآهُ أجمَلَ خَلْقِ الله أبيَضَ أَزْهَرَ مُشْرِقًا كَأَنَّ الشَّمسَ تَجري في وَجْهِه، هذَا رآه على صُورَتِه الأصليّة فلْيَسْتَبشر بنِعمَة الله تَعالى وفَضلِه، مع ما يَنضَافُ إلى ذلكَ منَ الصّفاتِ الأُخرى، ثم مِن جُملَةِ صِفاتِه التي كانَ يَعيشُ علَيها في الحياةِ الدُّنيا أنّ شَعَره كانَ أحيانًا إلى شَحمَةِ أذُنَيه وأَحْيانًا يَضربُ إلى مَنكِبَيْه ولم يَحلِق هوَ إلا للحَجّ والعُمرَة، كانَ يَحلِقُ بالموسى للحَجّ والعمرة أمّا في غَيرِ ذلكَ يُقَصّرُ،. قالَ واصِفُه كأنّ الشّمسَ تَجرِي في وَجْهِه، كانَ مَرّةً جاءَ إلى سُوق المدينةِ ليَشتريَ جمَلا فوَجَد قافِلَةٍ، والذينَ هُم في القَافلَةِ منَ المسلمينَ لكنّهم مِن أهلِ البَوادِي لا يَعرفونَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ما رأوهُ قَبلَ ذلكَ، فجَاءَ الرَّسولُ فسَاوَمَهُم فقال “هذَا الجمَلُ بِكَم” فقِيلَ لهُ بكذا قال “قَد أخَذتُه” فبَاعُوه، ولم يُقبِضهُم الثّمَن ثم ذهَب الرَّسولُ بالجَمل، وهم لم يعرفُوه إلى الآن أنّه هوَ رسولُ اللهِ، فَتلاَوَمُوا فيما بَينَهُم قالوا كيفَ تَركتُم إنسانًا لا نَعرفُه يَسْتَاق الجمَل، يَذهَبُ بجَمَلِكُم ولم تَقبِضُوا ثمَنَه، وكانَت فِيهمُ امرأةٌ قالت لا تَخافُوا هذَا رَجُلٌ ما رَأيتُ أَشْبَهَ وَجْهًا بالقَمَرِ ليْلَة البَدْرِ مِنْه، مَعناه هذَا ليسَ إنسانًا يُشَكُّ فيهِ أنّه يَخُون، بَهَرَها حُسْنُ مَنظَرِه فاطمَأنَّ قَلبُها أنّه إنسَانٌ كامِلٌ ليسَ إنسَانًا يُخشَى منهُ خِدَاعٌ ولا مَكْرٌ.
236- س: كيفَ كانَ الأنبياءُ لا يَحْزَنُونَ مِن شِدّةِ البَلاء.ج: هُم مِن حَيثُ الطّبِيعَةُ البَشَريّةُ يُصِيبُهم تَألّمٌ لكن في قلُوبِهم شَىءٌ يَجعَلُهم يتَحَمَّلُونَ.
237-س: ما الفَرقُ بينَ مَن كانَ ثِقةً ومَن كانَ تَقيًّا.ج: الثّقةُ عندَ أهلِ الحديثِ لا يُكتَفى فيه بالتَّقي فقط، بل هناكَ شَرطٌ زائدٌ على التُّقَى وهو أن يكونَ يَضبِطُ ما يَسمَعُه لا يَغلِبُ علَيه الغَلط، لا يَكثُر عليه الغَلَط، قَلبُه واعِي قَويّ، حِفْظُه قَويّ، وليسَ كُلُّ صَالحٍ تَقيٍّ هَكذا،بَل كثِيرٌ مِنَ الأتقياءِ لا يَحفَظُونَ ما يَسمَعُونَه حِفظًا قويًّا لا يَحفَظُون، أمّا الثّقةُ فَهو الإِنسانُ العَدلُ الذي يؤدّي الواجِبات ويَجتَنِبُ الكَبائر ولا يُصِرُّ على الصّغائر أي لا تَغلِبُ صَغائرُه طَاعاتِه. ويُحافِظُ على مُروءَةِ أمثَالِه، لا يَشتَغِلُ بتَطيِير الحمَام ولا يُكثِرُ مِن اللّعَب بالشّطرنج وما أشبَه ذلك، هذَا في عُرْفِ المحَدّثِين وعُرْفِ الفقَهاء في كتاب الشّهادَة.وعندَ الفقَهاء يَكفِي لكَون الرّجُل ثِقَةً أن يَكُونَ عَدلا وأن يَكونَ مُحافظًا على مُروءَة المثْل، ولا يُكثر مِنَ الرّواياتِ المضْحِكَة التي ما فيها ثمَرة ولو كانَت مُباحَة وأمثال ذلكَ هذَا يُقال لهُ عندَ الفقهاء ثِقَة، هذَا الذي يُقال لهُ عَدلٌ ويُقال لهُ ثِقَةٌ، إذا شَهِدَ في الخصُوماتِ والدَّعَاوَى التي تَصِيرُ بينَ النَّاس تُقبَلُ شَهادتُه عندَ القَاضي، أمّا التّقيّ فهوَ مَن يُطِيعُ اللهُ تَبارك وتَعالى فلا يَرتَكب كبيرةً ولا يُضَيّعُ واجِبًا مِنَ الواجِباتِ الدّينِيّة ولا تَغلِبُ صَغائرُه طاعَاتِه، هذَا هوَ العَدلُ الثّقَةُ.
238-مَن سَبَّ أبا بَكر أو عُمَر أو عثمان أو عليّ لا نكَفّره لكن نقولُ فاسِق.
239-س: إذا تُوفّي الأبُ هل يجِبُ على الإخوةِ أن يُنفِقُوا على أُختِهم الغَير متَزوّجة.ج: عندَ أبي حنيفَة يجِبُ أن يُنفِقَ الأخُ على أخِيه أو أُختِه الفقِيرَين المحتَاجَين، حتى لو رُفِعَ أَمرُ الشَّكوَى إلى القَاضِي، القَاضِي يُرغمُه على أن يُنفِقَ على أُختِه أو على أخِيه إن كانَ مستَطِيعًا، إن كانَ لهُ مِن المالِ مَا يُنفِقُه على أخِيه أو أختِه، هذَا إذا كانَ أخُوه أو أخته لا يَستَطِيعان أن يَعمَلا ويَكفِيَا أنفُسَهُما بعَمَلٍ حَلال، أمّا إن كانا يَستَطِيعان أن يَكفِيا أنفُسَهُما لا يُلزَم أخُوهما أن يُنفِق علَيهِما، أمّا ما دامَا غَيرَ مُستَطِيعَين فيُلزَم أخُوهما على الإنفاقِ علَيهِما، أمّا عندَ الإمام الشافعِيّ الأخُ لا يُلزَم بنفَقَة الأخ أو الأختِ إنّما إن كانَ هناكَ بيتُ مالٍ إسلامي، بيتُ مالِ المسلمينَ هو الذي يُنفِقُ عليهِما وعَلى كلّ مسلِم مُحتاج، بيتُ المال هوَ الذي يُنفِقُ فإنْ لم يكن بَيتُ مالٍ فأغنياءُ المسلمينَ، فأَخُوهُما إن كانَ مِن جملة أغنياءِ المسلِمينَ فهو مُكلَّف مع غَيرِه مِن الأغنياء، الحاكمُ يَأخُذ مِن الأغنياء قَهرًا، ليسَ الأخ لهُ خصُوصيّة في هذَا المجَال بل هو حُكمُه كحُكم غَيرِه منَ الأغنِياء.
240-هؤلاء الأغنياء الذينَ عندَهم ما يَزيدُ على كفَايتِهم ثم يَتركُونَ النَّاسَ في مَجاعَةٍ وضِيق، يَتركُون مَن ليسَ لهُ منَ الثّياب ما يَكفِيْه ليَدفَع عنهُ ضَررَ البَرد، وهذا ليسَ عندَه قُوتٌ وهذا ليسَ عندَه مأوى، ولا يُنقِذُونَ هؤلاء، هؤلاءِ الأغنياء لهم عذابٌ يومَ القيامة.
241-س: شخص كانَ تَعلّم أن الأشخاص الذين اسمُهم جورج أو جوزيف أو غيرَ ذلكَ مِن أسماءِ النّصَارى يَحكُم عليهم بالنّصرانية ولكنّه فهم مسألَةً مِن شخصٍ ثِقة وهيَ أنّه لا يَحكُم على الإِنسانِ مِن خلالِ اسمِه كأن كانَ اسمُه جورج أو جُوزيف ونحو ذلك واعتقَد أنّه يَحكُم عليه بالكفر إنْ سمِع منهُ كفرٌ أو إذا رأى منهُ كفر فعليّ كأن كانَ يضَع الصليب وعلِم فيما بعد أن الأشخاصَ الذينَ اسمُهم جُورج أو جوزيف أو غير ذلكَ منَ الأسماء النّصرانية يَحكُم عليهم بالكفر إلا إذا بلَغنا إسلامُ ذلكَ الشّخص فنَحكم عليه بالإسلام فما حكمُ هذَا الشخص الذي فهِم المسألةَ خَطأ.ج: إذا سمع مسلمٌ أنّ هذَا الشخصَ اسمُه جُورج أو نحو ذلكَ منَ الأسامي المعروفةِ بينَ النّصارى ولا يَستعمِلُها المسلمون فقالَ عنه كافرٌ ما عليهِ ذَنبٌ، لكن إنْ علِمَ أنّه آمَن باللهِ ورسوله وبقيَ عليه ذلك الاسمُ حرامٌ عليه أن يُكفّرَه مِن أجل ذلكَ الاسم، مِن أجلِ بقاءِ هذَا الاسم عليه، الاسمُ ليسَ شَرطًا مِن شروطِ الإسلام، الاسمُ المعتادُ بينَ المسلمينَ ليس شَرطًا مِن شُروطِ صِحّة الإسلام، يصِحُّ أن يُسلِمَ الرّجُل مِن دُونِ تَغيِير اسمِه الأصليّ الذي كانَ يُسمَّى بهِ بينَ الكُفّار، بينَ النّصَارى،.
242-س: شخصٌ أُجرِيَ لهُ عمَليّة فصار يبُول مِن خَاصِرَتِه فماذا يَفعَل مِن أجل الصّلاة لأنه لا يَشعُر عندما يَخرجُ منه البول.ج: إذا كانَ الثُّقبُ الذي يَخرُج منهُ البَول بدَل المخرج الأصليّ مما يُحاذي السّرّةَ أو فوقَ السُّرّة لا يَنقُض الوضوءَ، تُصَلّي ولو كانَ يَسِيلُ منها البَول. لأنّ هذَا لا يَنقُض وضوءها.أمّا تَجنُّب البول الذي هوَ منَ الأمُور المهمَّة إنْ هيَ تسَاهَلَت فلم تتَجنّب تركَت البولَ يلَوّث ما حولَ ذلك الموضع وهي تستطيعُ أن تتَجنّب هذَا التّلوّثَ فعَليها ذَنب.وأمّا إن كانَ الثُّقبُ تحتَ ما يُحاذي السُّرّة فإن كانَ الأصليّ منسَدًّا أي صارَ غَيرَ صَالح لخروجِ البَولِ منهُ يَنقُض الوضوء.أمُور الطّهارة مهمّةٌ، كثيرٌ منَ النَّاس لجَهلِهم بعِلم الدّين لا يرَونَ لها قَدْرًا ولا يَجعَلُونَ لها اهتمامًا، أوّل ما يُسألُ عنهُ الإِنسانُ مِن أمور العبادةِ قبلَ الصّوم والزكاة والحجّ وغَيرِ ذلكَ أمرُ الصّلاة، الصّلاةُ بدُونِ طهَارةٍ لا تصِحّ، فلذلكَ يجِبُ تعَلّمُ الطّهارة، الطّهارةِ عن الجنَابة الطّهارةِ عن الحدَثِ الأصغَر، أمرٌ مهمّ عندَ الله تَعالى ولا سيّما تَجنُّب البَول، تَجنُّبُ التّلوث بالبول، أكثرُ عذاب القبر مِن البول، أكثرُ ما يُصِيبُ الإِنسانَ مِن عَذاب القبر هو منَ البول، فهؤلاء الشّباب الذين لا يتحَفّظُونَ منَ التّلوّث بالبول، العياذُ بالله، لو لم يكن لهم ذَنبٌ إلا هذَا لكفَاهُم في الآخرة عذابًا وفي القَبر، يَكفِيهم هذَا نكَدًا في القَبر وفي الآخرة، أمرٌ عظِيم. عندَهُم هَيّنٌ، عندهم لا شَىءَ ،ما فيه شىء، عندَهم، أحدُهم يَبُول واقفًا ثم يَسِيرُ فَورًا فيُلَوّثُ نَفسَه.ثم أيضًا الفَرقُ بَينَ البَوْل والمَذْي والمنيّ هذَا أيضًا واجِبٌ مَعرفتُه،معرفتهُ واجبة، المذْيُ قال الفقهاء يَعتَري النّساء ويَعتري الرّجالَ، ليسَ خَاصًّا بالرّجال، هذَا المذي حكمُه يُوجِب الاستنجاءَ ليسَ مثلَ البول، البولُ تَجنُّبُه فَرض، أي لا يجُوز للإنسان أن يتَسَاهَل حتى يُلَوّث جسَده أو ثيابَه أمّا المَذْيُ ليسَ كذلكَ، هوَ نجِسٌ لكن ليسَ مثلَ البول،.