ما هيَ القصّةُ التي تُروَى عن شَخصَين حفَرا سِردَابًا للوصُول إلى قَبر النّبيّ.
ج: القِصّةُ على حقيقتها أنّه كانَ مَلِكٌ يُسمَّى نورَ الدّين الشّهيد وكان يَسكُنُ دِمشقَ وكانَ تَقيًّا عابدًا وهذا كانَ في القَرن الخامس الهجري، قبلَ ثمانمائة سنة مِن وقتنا هذا، كانَ هذَا الرّجل بدمشق فرأى الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في المنام فقالَ لهُ انقِذني مِن هَذين، أرَاه رجُلَين أشقَرين ثمّ استَيقظ فعجَّل بالذّهابِ مِن دمشقَ إلى المدينة فلمّا وصَلَ إلى المدينة عمِلَ دَعوةً عَامّة، قال كلُّ النَّاس ليَحضُروا إلى الطّعام، كلّ أهل البلَد، ثم هو جلَس في مَكانٍ يُراقِبُ فيه ويتَصفّح وجُوهَ النَّاس حتّى يَعرفَ هَذين الرّجُلَين الأشقَرين اللذَين أراهما رسولُ الله في المنام فحَضر النَّاسُ فلم يرَهُما، فقال فتّشُوا في البلد عن غَير هؤلاء الذينَ حضَرُوا ،ففتَّشوا فوجَدُوا هذَين الرّجلَين، فقيل لهما المَلِك يأمركُمَا بالحضُور، فقالا نحن درَاويش ما لنَا وللمَلِك، وهما كانا استَأجَرا بَيتًا بقُرب مَقام الرَّسول ووضَعا الحصِيرَ في البيت، ثمّ يَحفِرُون شيئًا فشيئًا حتى صَاروا قَريبِين إلى جَسدِ الرَّسول، فكانُوا يخرجُوا التراب على وَجه لا يُعْرف، فألحَّ عليهما، قال أحضِرُوهما، لا بُدّ أن تُحضِرُوهما، فأُحضِرا فاستَنطقَهُما وحَقّقَ معَهُما فاعتَرفا أنّ مَلِكَهُمَا مَلِكَ النّصارى في المغرب، مَلكُ النّصارى في أوروبا هو أمرَهما بأن يَبحَثا عن جسَد الرَّسول ليَنقُلا جسَدَه حتى على زعمِهم يُريدونَ أن يَضحَكُوا على المسلمينَ يقولونَ نَبِيّكم الذي تظنّون أنّه هناك بالمدينة هذه جثَّتُه عندَنا. هذَا كانَ قَصدُهم، فلَمّا اعتَرفا بأنهما بُعِثا مِن قِبَل ملِكِ الإفرَنج لهذه القَضيّة قطَع رؤوسَهُما لأنّهما كافِران، هذه القِصّة صحِيحَة، ثم بعدَ ذلك هذَا الملِك نور الدّين الشّهيد صَبَّ أسَاسًا مِنَ الرّصاص وعَمَّقَهُ تَعْمِيْقًا، ونورُ الدّين الشّهيد هذَا مَدفونٌ بالشّام عندَ سُوق البُزوْرِيّة،.