يجب اعتقاد أن الله تعالى موصوف بالعلم والارادة والربوبية ومعناها أنه سبحانه هو المالك الحقيقي لكل شيء، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
قال الامام احمد بن حنبل رضي الله عنه: وَأَنه مَتى كَانَ فِي ملكه (اي ملك الله) مَا لا يُريدهُ بطلت الربوبية، وَذَلِكَ مثل أَن يكون فِي ملكه مَا لا يعلمهُ تَعَالَى الله علوا كَبِيرا.
وقَالَ أَحْمد أيضا: وَلَو شَاءَ الله أَن يزِيل فعل الفاعلين مِمَّا كرهه أزاله، وَلَو شَاءَ أَن يجمع خلقه على شَيْء وَاحِد لفعله إِذْ هُوَ قَادر على ذَلِك وَلا يلْحقهُ عجز وَلا ضعف، وَلكنه كَانَ من خلقه مَا علم وَأَرَادَ.
وهذا اخذه الامام احمد مما روى مسلم في صحيحه ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻷﺳﻮﺩ اﻟﺪﻳﻠﻲ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ اﻟﺤﺼﻴﻦ رضي الله عنه (وعمران من أولياء الصحابة وفقهائهم الملائكة كانوا يزورونه)، قال له: ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻴﻮﻡ ﻭﻳﻜﺪﺣﻮﻥ ﻓﻴﻪ، ﺃﺷﻲء ﻗﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ قد ﺳﺒﻖ، ﺃﻭ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻤﺎ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﺑﻪ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﻭﺛﺒﺘﺖ اﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ؟ (اراد عمران امتحان الديلي)، ﻓﻘﻠﺖ: ﺑﻞ ﺷﻲء ﻗﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻠﻤﺎ؟ (اراد الزيادة في امتحانه)، ﻗﺎﻝ: ﻓﻔﺰﻋﺖ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺰﻋﺎ ﺷﺪﻳﺪا (لأن نسبة الظلم الى الله كفر)، ﻭﻗﻠﺖ: ﻛﻞ ﺷﻲء ﺧﻠﻖ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻠﻚ ﻳﺪﻩ، لا ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻭﻫﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﻳﺮﺣﻤﻚ اﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﺭﺩ ﺑﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻚ ﺇﻻ ﻷﺣﺰﺭ ﻋﻘﻠﻚ، ﺇﻥ ﺭﺟﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺰﻳﻨﺔ (قبيلة) ﺃﺗﻴﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻻ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻴﻮﻡ ﻭﻳﻜﺪﺣﻮﻥ ﻓﻴﻪ، ﺃﺷﻲء ﻗﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﻀﻰ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ، ﺃﻭ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻤﺎ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﺑﻪ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﻭﺛﺒﺘﺖ اﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ؟ ﻓﻘﺎﻝ: “ﺑﻞ ﺷﻲء ﻗﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﻀﻰ عليهم، ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: “ﻭﻧﻔﺲ ﻭﻣﺎ ﺳﻮاﻫﺎ ﻓﺄﻟﻬﻤﻬﺎ ﻓﺠﻮﺭﻫﺎ ﻭﺗﻘﻮاﻫﺎ” (سورة الشمس).
قوله “ﻭﻳﻜﺪﺣﻮﻥ ﻓﻴﻪ” اﻟﻜﺪﺡ ﻫﻮ اﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺳﻮاء ﺃﻛﺎﻥ لﻵﺧﺮﺓ ﺃﻡ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، وقوله “ﻷحزر ﻋﻘﻠﻚ” ﺃﻱ ﻷﻣﺘﺤﻦ ﻋﻘﻠﻚ ﻭﻓﻬﻤﻚ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻚ بالدين