يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن على قبر أخيه المسلم، فقد روى البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: “إذا مات أحَدُكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليُقرَأ عند رأسه بفاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة“.
وفي حديث رواه احمد بن حنبل في مسنده: “ويس قلب القرآن لا يقرؤها رَجُلٌ يريدُ اللهَ والدّار الآخرة إلا غفِرَ له واقرؤها على موتاكم”، فهذا الحديث الذي رواه احمد يرد كذلك على المجسمة نفاة التوسل يدعون كاذبين انهم حنابلة.
كذلك قراءة القرآن لأموات المسلمين من بعيد تنفعُهم إذا دَعا القارئ بعد القراءة بقوله مثلا: اللهُمّ أوْصِل مِثلَ ثواب ما قرأت إلى فلان الميّت، يُفهَمُ ذلك من حديث البخاري حيث قال فيه الرسول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “لو كان ذاكِ (أي موتك) وأنا حَيٌ لاستغفرت لكِ ودَعَوت”، هذا الحديث يفهم منه الدعاء بأنواعه.
فإنْ كان المَيْتُ من أهل التقوى كانَ ذلك زيادة في رفع درجاته، وأمّا إنْ كان من العصاة من اهل الكبائر فرُبّما يخلصُه الله من نكد هو فيه في القبر بسبب قراءة شيء من القرآن.
وثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن رسول الله أنه مَرّ بقبرين يعذبان فدعا بعسيب رطب فشقه نصفين فغرس على قبر واحدا وعلى الآخر واحدا، ثم قال: لعله يُخَفف عنهما ما لم يَيْبَسا.
قال النووي: إذا وصل النفع إلى المَيْت بتسبيح الجريدتين (اي من النخل) حال رُطوبتهما قبل أنْ يَيْبَسا، فانتفاع المَيْتِ بقراءة القرآن عند قبره أولى. فإنّ قراءة القرآن من إنسان أعظمُ وأنفعُ من التسبيح من عود.
وذهب بعض أهل البدع إلى عدم وصول شيء ألبتّة، لا الدعاء ولا غيرُه. وما زعموه باطل مردود بالكتاب والسّنة.
واستدلالهم بقوله تعالى: “وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى” (النجم، 39) مدفوعٌ مردود بأن الله لم يَنفِ انتفاع الرّجُلِ بسعي غيره بدليل اسْتثنيت بالنص الصّدقة والحج عن الميت، وإنما نفى مِلك الإنسان غير سعيه، فسعيُ غيره مِلك لساعيه فإن شاء يبذله لغيره وإن شاء يُبْقيه لنفسه. وهو سبحانه وتعالى لم يَقل إن الانسان لا ينتفعُ إلا بما سعى. ونرد عليهم كذلك يقال أليس نحج عن الميت وهذا الحج ليس من عمله وﻻ شك في أنه ينفعه