يستحيل في العقل أن تحيط الجهات السّت بالله تعالى

Arabic Text By Jul 05, 2014


يستحيل في العقل أن تحيط الجهات السّت بالله تعالى وذلك لأن الله هو الذي خلقها  والخالقُ يجب عقلا أن يكون قبل المخلوق

وربّنا الآن،أي بعد أن خلق الجهات السّت لم يزل على ما كان عليه ،أي لم يزل موجودا من غير أن تحويه الجهات السّت وذلك لأن التغير مستحيل عليه لأنه إله والإله يُغيِّرُ ولا يتغيّر. فذاته إذا مُنزهٌ عن أن يكون له كمّية ويستحيل إحاطة الجهات به

ودليل ذلك أن ذات الله  أي حقيقته الذي ليس كالحقائق،ليس جزءا من العالم أمّا سائر الأشياء التي لها حدّ أي كمية فهي أجزاء من جملة العالم  وما كان جزءا  من العالم وجَبَ أن تحيط به الجهات السّت ومن حوته الجهات السّت وجب أن يكون له كمّية ،أي مقدار من الحجم.

الشئ الذي له حَدّ يستحيل في العقل أن يكون إلها لأنه محتاج إلى من جعله على هذا المقدار من الحجم والمحتاج لا يكون إلها. المحتاجُ لا يستحقّ أن يُعْبَدَ   ويستحيل في العقل أن يَخْلُقَ الشئ نفسه فبَطَلَ قول من قال إنّ الله قَدَّرَ لنفسه حجما هو الآن عليه.

وليس المراد بنفْيِ الحدِّ عن الله أنه ممتدٌّ إلى غير نهاية ،بل المراد بنفي الحدِّ عن الله نفي أن يكونَ لذاته گمّيّة

وذلك لأن ما لذاته امتداد أي انبساط يستحيل في العقل أن يكون ممتدّا إلى ما لا نهاية بل لا بُدّ من أن ينتهي امتداده أي انبساطه حيث شآء الله لهذا الامتداد أن ينتهي. وهذا معناه أنَّ الممتدّ أي المنبسط مهما كان امتداده عظيما لا بُدّ من أن يكون له كمّية. واتصاف الله بالكمّية مستحيل عقلا فكيف يقبلُ صاحب عقل سليم أن يقول بعد ذلك إنَّ الله ممتدٌّ إلى غير نهاية وقد ثبت أنَّ الإمتداد أي الانبساط منفيٌّ عن الله أصلا بحكم العقل

أما العالم فإنه ممتدٌّ إلى نهاية يعلمُها الله وليس إلى غير نهاية فالعالمُ كله بجملته محدود ، إذ يستحيل في العقل أن يكون ممتدّا في المساحة إلى ما لا نهاية

وأفراد العالم كلها لها حَدّ فالعرش ليس هو جِرْما منبسطا إلى غير انتهاء وكذلك الجنة والنار والسماوات والأراضي واللوح المحفوظ والكرسيّ الذي وَسِعَ السماوات والأرض

كلّ منها محدود أي أنّ كلا من هذه المخلوقات قد خلقه الله على مقدار من الحجم ينتهي إليه وهو ما نُعَبِّرُ عنه بالكمّية