الله خالق المكان والجهة فيستحيل في حقه تعالى المكان والجهة
الله سبحانه وتعالى متصف بكل كمال في حقه فهو منزه عن كل نقص، أي ما لا يليق به تعالى كالجهل، يستحيل على الله الجهل والعجز، يستحيل على الله أن يكون عاجزاً والمكان الله يستحيل عليه أن يكون ساكناً في مكان، إذا قال لك شخص نشأنا من الصغر ونحن نقول الله موجود في كل الوجود، أو الله موجود في كل مكان فلماذا أنتَ الآن تريد أن تغير لنا هذا؟
فقل له لأن كلامك لم يأتِ من القرءان ولا من الحديث ولا من كلام العلماء الصالحين، ولا من كلام الأئمة المهديين بل ما يؤخذ من القرءان والحديث وكلام العلماء لا يوافق ما أنتَ تقول فالله سبحانه وتعالى هو خالق المكان، قل له الله أزلي موجود بلا بداية، وهو خالق كل شىء سواه فإذًا هو خالق المكان والجهات، بطريق بسيط مقبول فى العقل السليم الذي خلق المكان ألا يكون موجوداً قبل خلق المكان! بلى يكون موجوداً قبل خلق المكان والجهة، الله الذي ليس كمثله شىء هو خالق المكان فإذًا كان موجودا قبل خلق المكان بلا مكان ولا جهة فكما صحّ في العقل وجود الله قبل خلق المكان والجهات بلا مكان ولا جهة، يصح في العقل وجوده بعد خلق المكان بلا مكان ولا جهة وهذا لا يكون نفياً لوجود الله تبارك وتعالى، وما ورد في القرءان مما يوهم ظاهره خلاف هذا الذي نقول فلا يكون المقصود به الظاهر لأن القرءان يستحيل أن يعارض بعضه بعضاً بل يعاضد ويناصر ويؤيد بعض آيات القرءان بعض آيات القرءان فمثلا لو قال لك قائل أليس الله عزّ وجل يقول:(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)(الملك: من الآية16) فكيف تقول أنتَ إن الله موجود بلا مكان ولا جهة؟
نقول له أأمنتم من في السماء لا يُحمل على الظاهر المتبادر إلى الأذهان الذي يوهم أن الله يسكن السماء لأن الله خالق السماء، ولأن الذي يكون في السماء لابد أن يكون محصوراً، والذي يكون محصوراً لا بد أن يكون له حجم والذي له حجم لا بد أن يكون بحاجة لمن جعله في هذا الحجم الذي هو عليه دون غيره من الأحجام، والذي يحتاج إلى غيره لا يكون إلهاً.
إذاً ما معنى (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)؟
هذه الآية يجوز أن تُفسّر بالملائكة (أأمنتم من في السماء) أي الملائكة، أي المقصود هنا جبريل (أن يخسف بكم الأرض) هو الملك يخسف بأمر الله بكم الأرض، هذه الآية هكذا يجوز أن تُفسّر بهذا المعنى ومن أراد أن لا يدخل في تفاصيلها بهذا وقال أأمنتم من في السماء أي الذي هو رفيع القدر جدا فذلك يجوز أيضا ولا بأس به، وتفسير هذه الآية يوافق ما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ العراقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ارحموا من في الأرض يرحمكم أهل السماء” فإنه معلوم أنه لا يجوز أن يُقال عن الله أهل السماء.
هذا الحديث رواه الحافظ العراقي أما الرواية المشهورة عند الناس والمتناقلة وهي أيضاً صحيحة “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” فتُفسّر هذه الرواية على رواية الحافظ العراقي لأنه أحسن ما يفسر به الوارد الوارد، يعني أحسن ما فَسّرتَ به الوارد أن تفسره بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم