السلف الصالحُ هُم عُلماءُ الإسلامِ الذين كانوا في القرون الثلاثة الأولى الذين قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :
[ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ]
وكذلك يفهم مدح هؤلاء العلماء الذين كانوا في القرون الأولى الفاضلة من قوله تعالى:
{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
سورة التوبة
والفرقة الناجية هم الذين يتبعون ما كان عليه الرسول و الصحابة والتابعون وهؤلاء الذين قصدهم الرسول في حديثه الذي رواه عنه أبو داود وغيره :
[ افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحده وهي التي ما أنا عليه وأصحابي]
وفي روايةٍ وهي الجماعة
وفي رواية ابن حبان :
[ وهي السواد الأعظم].
السواد الأعظم هم الجمهور الغالب وهم أهل السنة والجماعة
ومعنى أهل السنة الذين هم يتبعون شريعة الرسول أي ما جاء به من العقيدة والأحكام ومعنى الجماعة الجمهور الغالب فخرج بذلك الشذاذ
وهؤلاء الشاذون بالنسبة لجماعة المسلمين كلا شئ
فإن أهل السنة والجماعة اليوم تجاوز تعدادهم المليار والنصف
وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم :
[ عليكم بالسواد الأعظم من شذ شذ إلى النار].
وقد ذكر الإمام السلفي أحمد بن سلامة أبو جعفر الطحاوي المتوفى سنة ثلاثمائة وتسع وعشرين في عقيدته التي قال في مطلعها :
[هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة قال في هذه العقيدة التي اشتهرت بين المسلمين عن الله :
تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء و الأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات]ا هـ .
معناه أن الله منزه عن الحد والمحدود عند العلماء ما له حجم كبيرا كان أوصغيرا فالذرة محدودة والعرش محدود وكل ما كان في جهة أو مكان فهو محدود
والمحدود مخلوق فالله ليس محدودا لأنه خالقٌ وليس بمخلوق فهو موجود بلا مكان ولا جهة لأنه ليس حجما بالمرة والدليل على أن هذا العالم الأجرام التي فيه لها مقدار من الحجم قول الله تعالى في سورة الرعد :
( وكل شئ عنده بمقدار.)
وقول الطحاوي عن الله :[ تعالى عن الحدود والغايات ] معناه أن الله ليس له نهاية فإن الغايات معناها النهايات وكل شئ له نهاية يكون محدودا له مقدار من الحجم مخصوص ويأخذ حيزا من الفراغ .
وأما الأركان فمعناها الجوانب وهذا أيضا من صفات الأحجام
والله منزه عن ذلك وأما الأعضاء فمعناها الأجزاء الكبيرة كالرأس واليد الجارحة والرجل الجارحة .
وأما الأدوات فمعناها الأجزاء الصغيرة كاللسان والأضراس واللهاة .
أما قوله :[ لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات]
فمعناه أن الله موجود بلا جهة ولا مكان هذه عقيدة أهل السنة والجماعة المأخوذة من القرءان والحديث والإجماع
قال الله تعالى [ ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ]
قال الامام السلفي ابو جعفر الطحاوي : [ ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر ].
قال عليه الصلاة والسلام ؛
[ كان الله ولم يكن شيء غيره ] .
الشىءُ الذري يتحوَّلُ مِنْ حالٍ إلى حالٍ مَخلوق،
الشىءُ الذي يتغير مَخلوقٌ حادث، المخلوقُ لا يصلُحُ أن يكونَ إلـٰها
لو كانَ الله متحوّلاً متغيرًا لكانَ حادثًا مَخلوقًا
واللهُ سبحانَهُ وتعالى كان موجودًا قبلَ خَلقِ الأماكنِ والجهاتِ بلا مكانٍ ولا جهة،
بعدَ أن خَلَقَ الأماكِنَ والجهات موجودٌ بلا مكان ولا جهة لأنه لا يتحوّل من حال إلى حال (لا يتغير)،
فإذا أنكرَ شخص نقولُ له بأيِّ شىءٍ استدلَّ إبراهيم عليه السلام بإقامَةِ الحجَّةِ بالدليلِ العقليِّ على قومِهِ على بطلانِ عبادَتِهم للشمس والقمر والنجم (الذي هو الكوكب)
لأنه قال: ﴿لا أحبّ الآفلين ﴾ يعني الذي يظهر ويغيب متغير متحوّل فإنه لا يصلُحُ أن يكونَ إلـٰهًا ﴾
هذا الاستدلال أي الاستدلال بتغيرِ الحوادثِ بإثباتِ حدوثِها وعدمِ صلاحيتِها بأن تكونَ إلـٰها يُعبد هذا استدلالٌ صحيحٌ في مَحلِّهِ وإذا أنكرَهُ شخص يكونُ أنكرَ القرءان ومَنْ أنكرَ القرءانَ كفر،
قال الامام النسفيّ
(( ورَدُّ النصوصِ كفرٌ ))[4].