في فضل الحوقلة وبركتها ومعناها:
رَوَى الامام أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ:
“مُرْ (فعل أمر من أمر) أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ قَالَ: “وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟” قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ”. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ:
“يَا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ“.
إنَّ ملازمَة كلمةِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله والإكثارَ منها له منافعَ كثيرةٍ، فهذه الكلمةُ المباركةُ كنزٌ من كنوزِ الجنَّةِ كما أخبرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي في قولِهَا والإكثارِ منهَا ثوابٌ عظيمٌ، وهي تنفعُ أيضًا لعلاجِ أمراضٍ كثيرةٍ منها الهَمُّ فَقدْ قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ تَنفَعُ لِتِسعينَ دَاءً أقلُّها الهَمُّ” رَواهُ الحَاكِمُ.
ومِمَّا يُروَى عَن عبدَ اللهِ بنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قالَ: “مَنْ كَثُرَتْ هُمومُه وغُمومُه فليُكثرُ مِن قَولِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ”
رواهُ الطبرانيُّ في الدُّعاءِ وابنُ أبِي الدُّنيَا في الفَرَجِ بعدَ الشِدَّةِ.
وَمَعْنَى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ أي لاَ حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِعِصْمَةِ اللهِ وَلاَ قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلاَّ بِعَوْنِ اللهِ كمَا وردَ ذلكَ في الحديثِ الصحيحِ الذي رواهُ البَزَّار في مُسندهِ.
معناه أن اللهُ تعالى هو الذي يَحفظُ مِنَ الشَّرِ من شاءَ من عبادهِ.
فالذي يعملُ الشَّرَّ فبِمشيئَةِ اللهِ والذي يعملُ الخيرَ فبمشيئةِ الله. لكن مَن عمِلَ خيرًا فإنَّ اللهَ تعالى يُِحبُّ عَملَهُ، وأمَّا من يعمَلُ شرًا فلا يُحبُّ اللهُ عَمَلَهُ.