ﻣِﻦ ﺩﻻﺋﻞ ﻭﺟﻮﺩِ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻗُﺪﺭﺗِﻪ ﻭﻋِﻠﻤِﻪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ، ﺍﺧﺘﻼﻑُ ﺃﺣﻮﺍﻝِ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻣِﻦ ﺟﻤﺎﺩﺍﺕٍ ﻭﺣﻴَﻮﺍﻧﺎﺕٍ ﻭﻟﻄَﺎﺋﻒَ ﻭﻛﺜَﺎﺋﻒ.
ﻛﻞُّ ﺫﻟﻚَ ﺗَﻌﺘَﺮﻳﻪ ﺗَﻐﻴّﺮﺍﺕٌ ﺃﻱ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝٌ ﻣِﻦ ﺣﺎﻝٍ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ.
ﻓﺎﻟﻌَﻘﻞُ ﺍﻟﺼّﺤﻴﺢُ ﻳَﺪﻝُّ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻛﻞَّ ﻃﺎﺭﺉٍ ﻻ ﺑُﺪَّ ﻟﻪُ ﻣِﻦ ﻣُﻜﻮّﻥٍ ﺃﺣﺪﺛَﻪ ﻭﺃﺩﺧﻠَﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻷﻥَّ ﺗﻐَﻴُّﺮَ ﺍلشيﺀِ ﺑﻨَﻔﺴِﻪ ﻣﺴﺘَﺤِﻴﻞٌ ﻋﻘﻼً، ﻛﻤﺎ ﺃن العقل ﻳُﺤِﻴﻞُ ﺩﺧﻮﻝَ شيءِ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩِ ﻣِﻦ ﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ (وهذا المكون بكسر الواو هو الله)، ﻛﺬﻟﻚ ﻃُﺮﻭﺀُ ﺍﻟﺘّﻐَﻴّﺮﺍﺕِ ﻋﻠﻰ (المخلوق) ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧَﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣِﻦ ﻏﻴﺮِ ﻣﻜﻮِّﻥٍ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞٌ ﻋﻘﻼ.
ﻓﻤِﻦ ﻫﻨﺎ ﻗﺎﻝَ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﺤﻖّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﻳَﺴﺘﺪِﻝُّ ﻣِﻦ ﻧَﻔﺴِﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩِ ﻣﻜﻮّﻧِﻪ، ﻭﺳﻠَﻜُﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚَ ﻣﻘَﺪّﻣﺘَﻴﻦ ﻭﻧﺘﻴﺠَﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ: ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖُ ﺑﻌﺪَ ﺃﻥ ﻟﻢ ﺃﻛﻦ، وما ﻛﺎﻥَ ﺑﻌﺪَ ﺃﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ لا ﺑُﺪّ ﻟﻪ ﻣُﻜﻮِّﻥ.
ﻫﺎﺗﺎﻥ ﻣﻘﺪّﻣﺘﺎﻥ.
ﻭﺗَﺘﺮﺗّﺐُ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻨّﺘﻴﺠَﺔ ﻭﻫﻲَ: ﺃﻧﺎ ﻻ ﺑُﺪّ ﻟﻲ ﻣُﻜﻮِّﻥ، ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﺎ ﺣﺎﺩﺙٌ ﻷﻧﻲ ﻭُﺟِﺪﺕُ ﺑﻌﺪَ ﺃﻥ ﻟﻢ ﺃﻛﻦ، ﻭﻛﻞُّ ﻣﺎ ﻭُﺟِﺪَ ﺑﻌﺪَ ﺃﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻼ ﺑُﺪّ ﻟﻪ ﻣِﻦ ﻣُﻜﻮّﻥ ﻳﻜﻮّﻧُﻪ، ﻳُﺪﺧﻠُﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻳُﺨﺮﺟُﻪ ﻣﻦَ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﻭﻛﺬﻟﻚَ ﺳﺎﺋﺮُ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌُﻠﻮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺴُّﻔﻠﻴّﺔ، ﻛﻞٌّ ﺇﺫﺍ ﻧﻈَﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﺑﻌَﻘﻠﻪ ﻭﻓﻜّﺮَ ﺗَﻔﻜﻴﺮًﺍ ﺻﺤﻴﺤًﺎ ﻳﺠِﺪُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪّﻟﻴﻞ، ﻓﻠﺬﻟﻚَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺗﺒﺎﺭﻙَ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣِﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﻈّﺎﻫﺮُ ﻷﻧّﻪ ﻇﺎﻫﺮٌ ﺑﺂﻳﺎﺗِﻪ، ﺃﻱ ﺃﻥَّ ﻛُﻞَّ شيﺀٍ ﺩﺧَﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ
ﺩﻟﻴﻞٌ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩِﻩ تعالى ﺣﻴﺚُ ﺇﻧّﻪ ﻳﺴﺘﺤِﻴﻞُ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﺩﺧَﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣِﻦ ﻏﻴﺮِ ﻣﻜﻮِّﻥ.
ﻭﻣِﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒِﻴﻞ ﻗﻮﻟُﻬﻢ ﺃﻱ ﻗﻮﻝُ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴﺪ: ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻣﺘَﻐﻴّﺮ ﺃﻱ ﺗﻌﺘَﺮﻳْﻪ ﺻِﻔﺎﺕٌ ﺗﺨﺘَﻠﻒُ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻛﻞُّ ﻣﺘَﻐﻴّﺮٍ ﺣﺎﺩﺙٌ، ﻓﺎﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺣﺎﺩﺙٌ.
ﺛﻢ ﻣِﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺘَﻘِﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻧّﻪُ ﻳﺠِﺐُ أن يكون ﻟﻠﻌﺎﻟَﻢ ﻣﺤﺪِﺙٍ ﺃَﺣﺪﺛَﻪ ﺃﻱ ﺃﺩﺧﻠَﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ. ﻫﺬﺍ ﻋﺎﻡٌّ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕِ ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ.
ﻓﺈﺫًﺍ ﺛﺒَﺖ ﺑﺎﻟﺪّﻟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲّ ﺃﻥّ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻭﺻﻔﺎﺗُﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﻌﺘﺮﻳﻪِ ﻛﻞُّ ﺫﻟﻚ ﺣﺎﺩﺙٌ ﺃﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟُﻮﺩًﺍ ﺛﻢ ﺻﺎﺭَ ﻣﻮﺟﻮﺩًﺍ.
ﺛﻢ ﻣِﻦ ﺷﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﻮّﻥ اي الخالق، ﺃﻧّﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩٌ ﻻ ﻛﺎﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕِ ﺃﻱ ﻻ ﻳُﺸﺒِﻪ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕِ ﻓﻲ شيء ﻣِﻦ ﺻِﻔﺎﺗﻬﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟِﻬﺎ ﻷﻧّﻪُ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳُﺸﺒﻬُﻬﺎ ﻟﻜﺎﻥَ ﻣﺤﺘﺎﺟًﺎ.
وهذا الخالق هو الله الذي ليس كمثله شيء