بتنا على أبواب شهر شعبان وفيه ليلة مباركة عظيمة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا” رواه ابن ماجه.
وفي ذلك إرشاد نبوي شريف لفعل الخيرات في ذلك اليوم وتلك الليلة لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم دلّ على الخير الكبير وهو الصلاة والصيام، ولم يقل صلى الله عليه وسلم لا تفعلوا من الخير إلا ذلك، بل اندرج غير ذلك من الخيرات تحت الإرشاد للصلاة والصيام، أي لمن لم يقم ليلها ولا صام نهارها فليفعل من الخير ما شاء، وذلك لعموم الإذن في قول الله تعالى: “وافعلوا الخير” (الحج، 77).
وهل يظن العاقل أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أراد بحديثه أن من لم يصم نهار النصف من شعبان ولا قام ليله، فليشتغل باللهو ولينبذ العبادات رأساً سوى ما كان من صلاة وصيام!! حاشاه صلى الله عليه وسلم.
وليتنبه إلى شيء مهم جداً وهو أن الله لا تتغير مشيئته لدعاء داع ولا تصدق متصدق في هذه الليلة ولا في غيرها، لأن مشيئة الله أزلية أبدية. العبد المخلوق هو من تتغير مشيئته، أما الله الخالق فلا تغير مشيئته.
فقد ذكر بعض العارفين قالوا: “عرفت الله بنقض العزائم”، معناه تغير المشيئة، فيريد أحدنا شيئاً بعد أن كان أراد شيئاً آخر، وهذا دليل مخلوقيتنا للواحد القهار الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي داود.
وليستحضر أحدنا الحديث القدسي في مسلم أن الله تعالى قال: “يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُردّ”، معناه أن مشيئة الله لا تتغير ولو بدعائك يا محمد، وأجره صلى الله عليه وسلم ثابت بالدعاء، وكذلك أمته وإن كان من الواجب اعتقاد أن الله مشيئته لا تتغير، سبحانه ليس كمثله شيء.