الحمدُ للهِ الذي أنعمَ علينا بأعظمِ النِّعَمِ وهيَ الإيمانُ بهِ عزَّ وجلَ وبرسولهِ الكريم أفضلِ المخلوقاتِ وأشرَفِها .
وبعد إعلَم أيها العاقِل وَفَّقَكَ اللَه أنَّ اللهَ خلقَ هذا العالمَ كلَّهُ وجعلَ لهُ خصائصَ وصفاتٍ ومِن ذلكَ خَلْقُهُ تعالى للجِهاتِ كلِّها وهيَ سِتٌّ : فوقٌ وتحتٌ ويمينٌ وشِمالٌ وأمامٌ وخَلف .
مَنْ نَوَّرَ اللهُ قلبَهُ يَفهمُ أنَّ اللهَ تعالى كانَ موجوداً قبلَ خَلقِهِ لهذا العالمِ كلِه وبعدَ خلقهِ للعالمِ ، صِفاتُُهُ عزَّ وجلَّ لم تَتَغيَّر فهوَ تعالى الذي يُغَيِّرُ في مخلوقاتِه ما يَشاء .
قَالَ الإمامُ ” أبو جَعفَر الطَحاوي ” الذي هُوَ من أهلِ القرونِ الثلاثةِ الأولى ( توفيَ سنة ٣٢١ هجريّة ) ” لا تَحويهِ ( أي الله ) الجِهاتُ السِّتُ كَسائِرِ المُبتَدَعات ( أي المَخلوقات ) ” . اللهُ لا يتشرفُ بمخلوقاتهِ بل نحنُ نتشرفُ بأنَنا عبادُ اللهِ على عقيدةِ النبيِّ .
جهةُ فوقٍ مخلوقةٌ ، اللهُ خلقَها وجعلَ فيها مخلوقاتٍ كالسماواتِ السبعِ وما فيهنَّ مِنَ الملائِكَةِ والجنَّةِ والعرشِ والكتابِ الذي فوقَ العرش الذي وردَ في الحديثِ أنَّ اللهَ كََتَبَ فِيهِ ” إنَّ رَحمتي سَبَقَتْ غضبي ” ، قَالَ العُلماء : ” أي أَنَّ الأشياء التي يُحِبّها الله أكثرُ منَ الأشياء التي لا يُحبها وأسبق وجودا فالمﻻئكة خلقوا قبل اﻹنس والجن وهم أكثر عددا والجنة خلقت قبل النار وهي أوسع منها بكثير والجنة والمﻻئكة من مظاهر رحمة الله” .
لذلكَ كانَ لا بدَّ للشخصِ أن يتعلمَّ القواعدَ الشرعية الضروريةَ من أفواهِ العلماء الثقات قبلَ قراءةِ القرآن واﻷحاديثِ لكي يفهمَ معنى اﻵيات المتشابهاتِ أي التي مَعناها ليسَ على ظاهِرها ولها تَفسير مستقيم منسجم مع اﻵيات المحكمات كآية ليس كمثله شىء .
قالَ أهلُ السنِة والجماعة : ” اللهُ موجودٌ بلا جهةٍ ولا مكان ” وفي هذا قالَ الامامُ عليّ بنُ أبي طالب رضيَ اللهُ عَنهُ : ” كان اللهُ ولا مَكان وهوَ اﻵن على ما عليهِ كان ” – رواهُ الإمامُ المسمَّى ” أستاذ أهل السنَّة ” أبو منصور البَغدادي في كتابِهِ ” الفرقُ بينَ الفِرَق ” توفيَ في القرن الرابع الهجري .
وللآياتِ المُتَشابِهات معان تليق وتُفَسَّرُ لا على ظاهِرِها بَل تُرَدُّ إلى الآيات المُحكَمات : قَالَ تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } .
وفي هذَا الموضوع قال العالمٌ الكبير ابن الجوزيّ الحنبلي (ت 597 هـ) في تفسيره ” زاد المسير ” :
” وفي قوله : { يَخافُونَ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِمْ } قَولانِ ، ذكرهما ابنُ الأنباري :
أحدهما : أنه ثناءٌ على الله تعالى ، وتعظيمٌ لشأنه ، وتلخيصه : يَخافون ربَّهُم عاليًا ( أي عالي القَدْر ) رَفِيعًا عَظِيمًا . والثاني تَلخِيصُه : يَخافون رَبَّهُم مُعَظِّمِينَ له عالِمِينَ بعَظِيمِ سُلطانه ” .
فاثبتوا اخوتي على عقيدةِ أنَّ اللهَ ” موجودٌ بلا جهةٍ ولا مكان ” ، الله ليس موجوداً في جهة فوق ولا تحت ولا أي جهة من الجهات ، الله موجود بلا جهة ولا مَكان . هذهِ هي العقيدة ُ الُمنجية التي مَن ماتَ عليها يدخلُ الجنَةَ حيثُ النَّعيمُ الأبديّ .
والحمدُ لله واللهُ أكبَرُ ولا إله إلا الله .