عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :”ثلاثةٌ لا يَدخُلونَ الجنّةَ: العَاقُّ لوالِدَيه والدَّيُّوثُ ورَجُلَةُ النساء” رواه الحاكم والبيهقي. وفي رواية لأحمد يفسر النبيُّ لفظ الديوث يقول صلى الله عليه وسلم: “الديوث الذي يقرّ الخبث في أهله“.
فهذه الثلاثة مَنْ فعلها فهي من كبائر الذنوب، ومعنى لا يدخلون الجنة: أي مع الأوّلين، وإلا فإن كل من مات على الإسلام لا بد سيدخل الجنة.
وعن المتولي أن الديوث من لا يمنعُ الناسَ الدخول على زَوجَتِه، وقال بعض اللغويين الديوث من لا يغار على أهله.
وقال المنذري: الدَّيُّوثُ بفتح الدال وتشديد الياء المثناة تحت، هو الذي يعلم الفاحشة في أهله ويقرُّهم عليها. والفاحشة الزنا.
وقال الحافظ الزبيدي في تاج العروس: والقَوَّادُ الدَّيُّوثُ، وقَادَ على الفاجِرَةِ (أي الزانية) قِيَادَةً.
قال في القاموس المحيط: والتديّث القيادة. اهـ. والقيادة فعل القوّاد يجمع بين الرجال والنساء للزنا.
ثم ذكر الحديث أعلاه “ورَجُلَةُ النساء” أي المتشبّهةُ بالرّجال في الزّيّ والهيئة قاله المناوي في فيض القدير.
وفي صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: قال الطبري المعنى أنه لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس. قلت: وكذا في الكلام والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد، فرُبّ قوم لا يفترق زيّ نسائهم من رجالهم في اللبس، لكن يمتاز النساء باﻻحتجاب والاستتار، وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك.
وقال ابن التين: المراد باللعن في هذا الحديث من تشبه من الرجال بالنساء فى الزي ومن تشبه من النساء بالرجال كذلك.
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به ما ملخصه: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شيء، لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه فى الزيّ وبعض الصفات والحركات ونحوها، لا التشبه فى أمور الخير. انتهى
فتشبُّهَ الرجال بالنساء في المشيِ أو في الكلام أو اللِباس وعكسهُ حرام من الكبائر، لكنّ تشبُّهَ النساءِ بالرجال أشدُّ إثمًا لحديث “ورجلة النساء” وقد تقدم، فما كان في الأصل خاصًّا بأحد الصنفين منَ الزيّ فهو حرامٌ على الصنفِ الآخر وما ليس خاصاً فليس حراماً.