أتباع ابن تيمية يُـكـفّـرون من حلف بغير الله مطلقاً كمن قال “وحياة أبي” أو “وحياة أمي” أو “وحياة النبيّ” صلى الله عليه وسلم، يشبّهون النبيّ بالأصنام من حيث تكفير الحالف به. من حلف بالنبيّ، الوهابية يكفرونه كأنه حلف بأصنام المشركين والعياذ بالله تعالى.
هؤلاء المبتدعة يكفرون من لم يكفره السلف الصالح رضي الله عنهم. ما فهمه هؤلاء المبتدعة يخالف ما فهمه الإمام أحمد بن حنبل الذي جعل الحلف بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يميناً على الحانث به كفارة يمين. الإمام أحمد لم يقل هو شرك ولا هو كفر.
أما حديث أبي داود وغيره “من حلف بغير الله فقد أشرك”، فهذا في غير المسلمين، هذا الحديث يُراد به المشركون ليس الموحّدين، لأن المشرك يعظّم المحلوف به كتعظيم الله تعالى وهذا كفر، ولكن الوهابية يسيئون الظن بالمسلمين فيكفرونهم.
الحديث معناه من حلف بغير الله معظماً لهذا المحلوف به كتعظيم الله، هذا الذي يشرك، هذا هو المراد بالحديث. أما مجرد الحلف بغير الله فليس كفراً، ولا سيما إن قال وحياة النبيّ صلى الله عليه وسلم، عند الإمام أحمد هذا يمين تثبت على الحانث به كفارة يمين كما ذكرت كتب الفقه الحنبلي منها الإنصاف للمرداوي وهو كتاب مشهور عند الحنابلة. أما هؤلاء جماعة ابن تيمية يجعلون الإمام أحمد مشركاً لأنه أثبت الحلف بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يدّعون زوراً أنهم حنابلة.
وفي شرح الحافظ ابن حجر على صحيح البخاري: “وقال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في معنى النهي عن الحلف بغير الله، فقالت طائفة هو خاص بالأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيماً لغير الله تعالى كاللات والعزى والآباء..، وأما ما كان يؤول إلى تعظيم الله كقوله وحق النبيّ والإسلام والحج والعمرة والهَدي والصدقة والعتق ونحوها مما يُراد به تعظيم الله والقربة إليه فليس داخلاً في النهي، وممن قال بذلك أبو عبيد وطائفة ممن لقيناه، واحتجوا بما جاء عن الصحابة من إيجابهم على الحالف بالعتق والهَدي والصدقة ما أوجبوه مع كونهم رأوا النهي المذكور، فدلّ على أن ذلك عندهم ليس على عمومه، إذ لو كان عاماً لنهوا عن ذلك ولم يوجبوا فيه شيئاً”، انتهى من فتح الباري للحافظ ابن حجر نقلاً عن الإمام المجتهد ابن المنذر توفي سنة 318 فهو حقيقة من السلف الصالح رضي الله عنهم. أما الوهابية فهم معاكسون في أفهامهم لفهم السلف الصالح في العقيدة وأصل الإسلام والإيمان، وفي كثير من الأحكام كذلك خرجوا من إجماع أهل السنة والجماعة وابتدعوا أحكاماً لم يسبقهم إليها أحد، الله ينجينا برحمته في الدنيا والآخرة، آمين