من أصول الاعتقاد على مذهب أهل السنة والجماعة ما يدرّسه الأزهر الشريف منذ مئات السنين، وهو أن الله موجود بلا جهة ولا مكان لأنه خالق ذلك ولا يحتاج إليه. لا هو سبحانه في مكان، ولا هو تعالى في كل مكان. وأن من قال بخلاف ذلك فهم المشبهة لأن عقيدتهم أشبهت عقيدة اليهود في تشبيه الله تعالى، وهذا مقرر في كلية أصول الدين في الكليات الأزهرية كما ذكره الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني في كتاب مناهل العرفان.
والحق من تنزه الله عن المكان والكيف هو عقيدة الصوفية حسبما قرره الإمام الزاهد العابد رئيس الأولياء في عصره وما بعد عصره الشيخ أحمد الرفاعي الكبير صاحب كرامة تقبيل اليد الشريفة يقظة جهاراً نهاراً عياناً أمام الخلائق للدلالة على علو قدره وتقدمه على سائر أولياء عصره، قال رضي الله عنه: “غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ومكان”.
هذا من أجلّ معاني “العارف بالله”، ذلك أن أقصى ما يصلُ إليه العبدُ من المعرفة بالله تعالى الإيقان أي الاعتقاد الجازم الذي لا شك فيه، بوجوده سبحانه بلا كيف ولا مكان ولا جهة.
فالله تعالى كان موجودًا في الأزل قبل خلق المكان بلا مكان، وبعد أن خلق المكان هو الآن على ما عليه كان، أي بلا مكان، فالله لا يتغير من وصف إلى آخر كالمخلوق. المخلوق يتغير وليس الخالق.
قال الإمام علي رضي الله عنه: “كان الله (أي في الازل قبل كل شيء) ولا مكان (أي لأن المكان مخلوق ليس أزلياً)، وهو الآن على ما كان” أي على الوصف الذي عليه كان من التنزه عن المكان، سبحانه ليس كمثله شيء.
فلا يجوزُ قَوْلُ: “الله في كُلّ مَكَانٍ” بل يَكْفُرُ مَنْ قَالَها إذَا فهَم معناها لأنه شبّه الله بالهواء والعياذ بالله تعالى.
أَمَّا إِذَا كان جاهلاً لا يفهم معنى العبارة الحقيقي، بل يظن أن معنى هذه العِبَارَةِ أَنَّهُ تَعَالى مُسَيطِرٌ عَلَى كُلّ شَيءٍ وعَالِمٌ بكُلّ شَىءٍ فلا يكفُرُ، إنما يَجِبُ النَّهْيُ عَن هذه العبارة الفاسدة على كُلّ حَالٍ.
والعِبَارةُ الصّحِيحةُ الموافِقَةُ للقُرآنِ والسُّنّةِ هي أن نقول: اللهُ منزّه عن المكان، ففيها إثبات وجود الله تعالى وأنه لا يحتاج إلى مكان.
قال الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: “من اعتقد أن الله قاعد على العرش فهو كافر” رواه ابن المعلم القرشي. وقال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: “مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك”.
فتمسك أخي بهذه العقيدة فهي عقيدة الأنبياء والملائكة والأولياء، من خالفها أهلك نفسه والعياذ بالله تعالى،