أنت أعظم الناس يا سيدي يا محمد، يا رسول الله،

Arabic Text By Jun 30, 2014

أنت أعظم الناس يا سيدي يا محمد، يا رسول الله،

الصلاة والسلام عليك يا أعظم الناس، أنت مَن أقسم الله تعالى بحياتك فقال عز وجل: “لعَمرُك إنهم لفي سَكرتُهم يَعمَهون” (الحجر، 72)، قال القرطبي: “وهذا نهاية التعظيم وغاية البرّ والتشريف”، فلا يوجد تشريف أعظم من هذا التشريف أن يقسم الله تعالى بحياة نبيّه صلى الله عليه وسلم إظهاراً لما له من كرامة عنده. سبحان الله، أيّ تشريف هذا.

الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يعرفون للنبيّ صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة العظيمة عند ربه تعالى، فكان بعضهم إذا حصل معه شيء يتوجّه إلى الله بدعائه مستشفعاً برسول الله، وهو لا سواه صلى الله عليه وسلم له الشفاعة العظمى يوم القيامة، وهو لا سواه لا تصح صلوات العباد إلا بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.

فقد روى البخاري في كتاب الأدب المفرد، والبخاري من أعيان السلف الصالح، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجله أصابها خدَر وهو استرخاء تعجز بسببه عن الحركة، فقال رضي الله عنه محبة برسول الله صلى الله عليه وسلم واستشفاعاً بخير الخلائق إلى الله عز وجل، نادى: “يا محمد” صلى الله عليه وسلم، فقام كأنه لا يشكو شيئاً.

وهو عند الحافظ ابن السني عن بعض التابعين من تلامذة الصحابة الكرام قال: “كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَخَدِرَتْ رِجْلُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أي من التابعين كذلك: “اذْكُر أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ، فَقَالَ عبدالله بن عمر: يَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، قَالَ: فَقَامَ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ” معناه حلت عقدته وتعافى بإذن الله ببركة استشفاعه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم.

ورواه الحافظ السخاوي في القول البديع، ورواه أيضاً الإمام الحافظ الحجة إبراهيم الحربي (285 هـ.) في كتابه “غريب الحديث” وكان يشبّه بالإمام أحمد بن حنبل (241 هـ.) في العلم والورع رضي الله عنهما.

وهذا من عبدالله بن عمر سببه كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة منه بمنزلته عليه الصلاة والسلام عند ربه، وإلا فلا يُظن به وهو ابن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد القوي الأمين في دين الله وأمة محمد، أن يكون أبوه علمه حراماً أو شركاً، بل علمه أبوه محبة النبيّ صلى الله عليه وسلم ووفور توقيره صلى الله عليه وسلم، ولذلك استشفع ابنه بالنبيّ لما رأى من أبيه عمر بن الخطاب من كمال محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.

ويبقى تعظيم الله لنبيه فوق كل تعظيم وهو تعالى الذي أقسم بحياته صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: “لعمرُك” أي قسماً بحياتك يا محمد، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى “إنهم لفي سَكرتُهم يَعمَهون” هذا وصف الكفار الذين حاربوه ولم يؤمنوا به عليه الصلاة والسلام.

ونقل القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي عن المفسرين بأجمعهم أنهم قالوا أقسم الله تعالى هاهنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفاً له، وأما قومه من قريش من لم يؤمن به منهم ففي سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون، والعمَه الحيرة والتردد لا يدري أين يتوجّه. وقال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه من حلف بالنبي انعقدت يمينه ووجبت عليه كفارة يمين إن حنث بتلك اليمين، فرحم الله سيدنا أحمد كان من نجباء تلامذة الإمام الشافعي عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً رضي الله عنهما