اتفقت كلمة علماء الإسلام على أن صلاة المسلم ليست من شروط صحة صيامه، لم يقل أحد منهم إن المسلم الذي لا
يصلي لا يصح له صيام، سوى أن هناك بعض أهل العلم اعتبروا تارك الصلاة كافراً أخذا بظاهر أحاديث فسرها الجمهور على أنها في من استحل ترك الصلاة بلا عذر أو أنها في من جحد وجوبها، وقالوا إن هذا هو المراد بتلك الأحاديث، ومنهم النووي في شرح مسلم حيث قال عند ذكر مسلم لحديث: “إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” ما نصه: وأما تارك الصلاة، فإن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج من ملة الإسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه. وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه فذهب مالك والشافعي رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق. انتهى من شرح مسلم للنووي. وعليه فمذهب الجمهور من السلف والخلف أن تارك الصلاة غير مرتد ويصحّ صيامه كما تصحّ سائر عباداته التي إن أدَّاها على الوجه الصحيح مع التزام شروطها وأركانها وإن ترك بعضاً غيرها من الواجبات، فقد أجزأه ذلك عما قام به من الواجب وبرئت ذمتُه من جهته، ولكنه يأثم لتركه أداء عبادة واجبة أخرى من حيث تركها وهي مفروضة عليه.
فمن صام وهو لا يصلي فصومه صحيح غير فاسد لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، كما أنه لا يشترط لصحة الصلاة أن يكون صائماً نهار رمضان، ولكنه آثم شرعاً من جهة تركه للصلاة المفروضة أو للصيام المفروض مع وجوبهما عليه، ومرتكب بترك ذلك الواجب كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم ويقضيه لأنه يبقى في ذمته، ولا ينفع في ترك الصلاة كفارة ولو بعد مائة سنة تبقى في ذمته إلى أن يوافي بها يوم القيامة.
والله سبحانه أعلم وأحكم