لماذا تزوَّج الرَّسولُ عائشةَ وهيَ في التّاسعة مِن عمُرها وما الحِكمَةُ مِن ذلك
سئل شيخنا رحمه الله: لماذا تزوَّج الرَّسولُ عائشةَ وهيَ في التّاسعة مِن عمُرها وما الحِكمَةُ مِن ذلك؟الجواب:الرَّسولُ جبريلُ أتاهُ بصُورة عائشةَ قال هذه زوجتُك، بعدَ ذلكَ خطَبَها مِن أبِيها وكانَ عمُرها حينَ خطَبَها مِن سِتّ سنواتٍ ثم أُدخِلَت عليه حينَ صارَ عمرُها تِسع سنَوات، هذه العادَةُ ليسَت أمرًا غريبًا في العرَب في عرَب الحِجاز، وهو شائعٌ في العرب يحصُل كثيرًا ليسَ قليلا، الرَّسولُ ما طلبَها مِن تِلقاءِ نَفسِه إلاّ بعدَ أن أُوحِيَ إليه، ليسَ لأنّها جميلةٌ صَغيرة خَطبَها،ليسَ لتَعلُّق قَلبِه بالنّساء، الرَّسولُ ما كانَ متعَلّق القَلبِ بالنّساء ولا بالمالِ، كانَ متَعلّقَ القَلبِ بطَاعةِ ربّه،.لو كانَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم متَعلّق القلب بالنّساء كانَ ظهَرت منه في العُمر الذي قضَاه قبلَ النّبوّة وهو أربعون عامًا،كان ظهَرت منه رذيلة نسَائيّة بل هو كانَ مَعروفًا بالنَّـزاهة بينَ قَومِه كانوا يُسَمُّونَه الأمين يُلقّبُونه الأمين بما أنّه ما ظهَرت منهُ قَطّ رَذيلَة ولا كَذبَة ولا خيانةٌ في مُعاملتِه، وكانَ أجملَ خَلق الله ومع ذلكَ ما جَرت لهُ رذِيلَة في تلكَ المدّة كُلّها أربعينَ سنة، ثم بعدَ الوَحي تزَوّج امرأةً يُقال لها سَودَة ثمّ عائشة ثم النّساءُ الأُخرَيات وكُلُ ذلكَ لحِكمةٍ دِيْنيّةٍ وهيَ أن يَنشُرَ شَريعةَ الله تعالى بطريقِ الرّجال والنّساءِ، لأنّ نِساءَه مع تعدُّدهِنّ كلُّ واحِدَة منهُنّ تُعلّم غيرَها شَريعَة الله، والنّساءُ ءانَسُ إلى النّساءِ فحصَلَ ذلكَ، عائشةُ انتفَع بها خَلْقٌ كثِيرٌ مِنَ النّساء بل ومِن الرّجال كذلكَ غَيرُها مِن أزواجُه صلَّى الله عليه وسلم، لكنّ عائشةَ خَصّها الله تعَالى بمزيدٍ في الفِقه هيَ أفقَهُ امرأةٍ على الإطلاق، اللهُ تعالى أعطَاها مِن قُوّةِ القَرِيحَة وقُوّةِ الذّهن وقوّةِ الإقبال على تعَلُّم العِلْم مِنَ الرَّسول مع صِغَرِ سِنّها، تلَقَّت مِن رسولِ الله في تلكَ المدّة التي عاشَتْها معَ الرَّسولِ عِلمًا كثيرًا هذه إحدَى مَزَاياها.وأمّا قولُه عليه الصَّلاة والسَّلام: “*حُبِّبَ إِلَيَّ مِن دُنيَاكُم النّسَاءُ والطّيبُ وجُعِلَت قُرّةُ عَينِي في الصَّلاة*رواه البيهقي” حديث ثابت.هنا الدّليل في قولِه عليه الصَّلاة والسلام “*مِن دُنيَاكُم*” دليلٌ على أنّه لم يَكُن مُتعَلّقَ القَلبِ بالأمرَين يعني الطِّيْب ما كانَ يَشغَلُ قَلبَه والنّساءُ ما كُنَّ يَشْغَلْنَ قَلبَه لأنّهُ أضَافَهُما إلينا، مِن دُنيَاكُم معناه الأشياءُ التي أنتُم هيَ مِن ضِمن الأشياء التي تَلتَهُون بها حَبَّبَ اللهُ إليَّ شيئينَ هَذا وهذا، هذا فيه إبعَادٌ لِنَفسِه عن التّعَلّق بهما حيث قال “*مِن دُنيَاكُم*”، قولُه “*إِلَيَّ*” هذا لبَيان المعنَى، لو قال حُبِّبَ مِن دُنيَاكم ماذا كان يُفهَم منه؟ إلى مَن حُبّب؟ هيَ كلمةُ حُبِّب تحتاجُ إلى حَرفِ إلى أنْ تَأتي بَعدَها إلى، حُبِّبَ يَتَعَدَّى بإلى هذا لبيانِ مُتَعَلِّقِ هذا الفِعل أتبَعَهُ بإِلَيَّ لا لأنّهُ كانَ متَعلّق القلبِ بهما، معناهُ يحِبُّ المَحَبَّةَ التي ليْسَت مُغْرِقَة كما يحصلُ لبَعض النَّاس، بَعضُ النَّاس يحِبُّ محبَّةً مُغرِقة أي تَستَولي على القلب بحيثُ تكونُ شَاغِلةً لهُ عن المهمّات عن معَاني الأمور أمَّا هو فلَم يكُن حَالُه كذلك.فإن قيل كانَ بإمكانِه أن يقولَ حُبِّبَ إليكُم مِن دُنياكم، يُقال لهم هذا فيه أنه لا ينبَغِي الميلُ بوَجهٍ منَ الوجُوه وهذا خِلاف الحِكمة.أمّا زِواج المتعَة فلم يُحَلّ إلا في وقتِ الضّرورة الرَّسولُ أحَلّه في الغزَوات للغُزاةِ أحَلَّهَا ثم حرَّمَها الله تبارك وتعالى على لسَان نبِيّه وأنزل في القرآنِ ما يؤيّد ذلك، أمّا التّحريم الذي أنزلَه اللهُ على لسَانِ نبِيّه فهو أنّه قالَ عندَما فتَح مَكّة: “*إنّي كنتُ أذِنتُ لكُم بالاستِمتاع مِن هؤلاء النّساء ألا وإنَّ اللهَ حَرَّمَها إلى يوم القيامة فمَن كانت عندَه شَىءٌ مِن هؤلاء فَليُسَرِّحُهَا*رواه مسلم والبيهقي والدارمي”. ثم المعنى في تحليلِها لأصحابِ رسولِ الله هو أنّهم كانوا يَغْزُون غزَواةٍ متعَدّدَة لنَشر دينِ الله. المتعَةُ أُحِلَّت للغُزَاة لأنهم كانوا يُقَاسُون العُزُوبَة في ذَواتهِم فاللهُ تبارك وتعالى سَهَّل عليهم تلكَ المَشَقَّة بإباحَةِ المُتعَة،. إنّ اللهَ لا يَستَحِي مِن الحَق.
س: امرأةٌ تَسأَل تَقُول أليسَ لجَسدِك عليكَ حَقًّا، والغَريزةُ الجِنسِيّةُ أليسَت مِن الغرائز التي أوجدَها اللهُ فِينا، وعندَما نشعُر بالجوع أليس نأكُل وبغَريزة العطش أليسَ نَشرب قالوا إذًا وماذا نَفعَل إذا استبَدّت بنا الغَريزة الجِنسِيّة هل نزني قالوا ماذا نفعل إذا لم يتَقدّم إلينا شابّ منَ المسلمين إلى الآن، أليسَ مِن الحِكمَة أن نُنَفّس عمّا نَشعُر إذا عُرِض علَينا زواج المتعَة لفَترة منَ الفَترات ثم بعد ذلك قد يتَفاهما فيتَزوّجها أو يبقَيا كما هما لأنه وُجِد في فترة من تاريخ المسلمين؟ج: يُقال لهم بعدَ تحريم المُتعَة من الرَّسول صلَّى الله عليه وسلم بوَحْي مِن ربِّه على وجه التأبيد بقوله إلى يوم القيامة، “*فإنّ اللهَ حَرّمَها إلى يوم القيامة*” لا مجَال للتّصرّف في الشريعة بالتّحريك والتقديم لهوى أنفُسِنا، أمّا ما ذُكِرَ مِن ضَغط الغريزة في كثيرٍ منَ الأحوال وفي كثيرٍ منَ النَّاس، فهذه الله تبارك وتعالى جعَل لها حَلاًّ إما بالإكثارِ منَ الصّيام واستعمالِ الأدوية وذلكَ لأنّ اللهَ تَعالى خلَق أدويَةً تُخفِّف الغَريزة ولا تقتُلُها كالكافُور فإنّ شمّه يخَفّف عنه وأمّا شُربُه فيَقطَع، فلْيَشمّوا منه.س: هل أن الرَّسولَ لم يَدخل على بعض نسائِه وأنه كان يقضي أكثرَ أوقاته باللّيل في المقابر؟ج: نعم ثابِت، حتى عائشة رضي الله عنها قالت:”*ما كانت ليلَةٌ مِن لَيَالِيَ مِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلا ذهَب إلى البَقِيع يَستَغفِر لأهلِ البَقيع*رواه ابن حبان” معناه يَتركُني على الفِراش ويذهبُ إلى الجبّانة ليلاً وحدَه. وهناك نساءٌ تزوّجَهُنّ ثم لم يدخل بِهِنَّ فارَقَهُنَّ قبلَ الدُّخول، حتّى إن منهُنّ امرأةً من أجمل النِّسَاء.معنى قولِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم “*لا تُخَيّروا بينَ الأنبياء*”. معناه لا تَدخُلوا في التّفضِيل بآرائكم لأنّ التّفضيلَ بينَ الأنبياء بالرأي لا يجُوز إنّما التّفضيل بالوحي فمن أخبرَ الله تعالى أنّهم أفضلُ مِن غيرِهم منَ الأنبياء فهم الأفضَلُون أمّا نحنُ بآرائنا لا نفَضّل.س: ما معنى قول الرَّسول “لا تُفَضّلُوني على يُونُسَ بنِ مَتَّى؟ج: بعضُ العلماء استَخلَص مِن هذا الحديث استَنبَطَ أنّ الله مُنَـزَّهٌ عن المكانِ لذلكَ قال الرَّسولُ لا تُفَضّلوني على يونسَ بنِ مَتَّى أي حيثُ إنّه كانَ في قَعْرِ البَحر والرّسُولُ عُرِجَ بهِ إلى السّماوات السّبْع وإلى ما فَوق ذلكَ فهو أي الرَّسولُ لم يكن أقربَ إلى اللهِ تعالى قربًا مسَافِيًّا مِن يُونُسَ بنِ متّى لأنّ المسافةَ لا تجُوز على الله. بعضُ الفقهاء مِن أهلِ السُّنَّة استَنبَط مِن هذا الحديث هذا المعنى. أي لا تَجعَلُوني أقربَ إلى الله مِن يُونُسَ بنِ متّى حيثُ إنّه كانَ في قامُوسِ البَحر وأنا وصَلتُ إلى مُستَوًا فوقَ السمٰاوات السّبع فلَم أكُن أقرَب إلى الله تعالى بوصُولي إلى ذلك المُسْتَوى مِن يُونُس مِن حيثُ المسَافة كِلانا على نِسبَةٍ واحدة، أنا ويُونس على نِسبة واحدة بالنّسبَة إلى ذاتِ الله فهو تبارك وتعالى مُنـزّهٌ عن القُرب المسافي لا فَرقَ بَيني وبينَ يُونُس بنِ متّى في ذلك، هذا استِنباطُ بعضِ الفقهاء. أمّا مِن حيثُ الحُكمُ أنّه لا يجُوز تفضيلُ نبيّ على غيرِه منَ الأنبياء إلا مِن قِبلَ الوحي، مِن قِبَلَ الوحي الله تعالى فضَّل محمَّدًا على جميع الأنبياء ثم فضَّل أيضًا غيرَه على آخَرِين.س: هل يُنسَخُ القرآنُ بالسُّنَّة؟-1- ج: القرآنُ لا يُنسَخُ بالسُّنَّة بل يُنسَخُ بالقرآن، والسُّنَّةُ تُنسَخ بالقرآنِ وبالسُّنَّة، الحديثُ المتأخّرُ يَنسَخُ الحديثَ المتقَدّم، الله تعالى أنزلَ هذا الحديث المتأخّرَ لرَفع حُكم الحديثِ السّابق وهذا في زمانِه صلَّى الله عليه وسلم أما بعدَ وفاتِه فقد انقطَع النَّسْخ.، لأنه خاتَم الأنبياء لا يأتي بعدَه نَبيٌّ وأمّتُه مُلزَمُونَ فيما ثبَت في حياته مِنَ الأحكام ليسَ لهم أن يُغَيّروا ولا أن يُلغُوا شيئًا مِن أحَاديثِه الثابتةِ في حياتِه وغير ذلك منَ الأحكام التي جاءت في القرآن الكريم.س: هل صحيح أنّ هناك آيات نُسِخَت من القرآن تِلاَوَةً؟ج -2-: نَعم كانَ ممّا أَنزَل اللهُ قُرآنًا “عَشرُ رضَعَاتٍ مَعلُوماتٍ يُحَرّمْنَ” فقَرأ هذه الجملةَ الصحابةُ على أنّها قرآنًا ثم نُسِخَت “بخَمس رَضَعَاتٍ مَعْلُوْمَاتٍ يُحَرِّمْنَ”، ثم هذه خمسُ رضَعاتٍ معلومَاتٍ يُحرّمْن نُسخَت وأُبقِيَ حُكمُها، نُسِخَت تِلاوتها لكنّ حُكمَها باقي، فلذلك يقولُ أكثرُ العلماء أنّه لا يُحرّم أقلُّ مِن خمسِ رضَعاتٍ متَفرّقات، هذا مَذهب الشافعيّ والأكثَرين، وإنْ كانَ مَذهب أبي حنيفة أنّ الرّضعَة الواحدةَ تحرّم.الحاصلُ أنّ هذا مِن جملةِ ما نُسِخَ مِنَ القرآن تِلاَوَةً ولم يُنسَخ الحكم “*خَمسُ رضَعاتٍ معلُوماتٍ يُحَرّمْن*” هذا كان قرآنًا ثم نُسِخَت تلاوتُه الآنَ لا يجُوز أن نَتلُوَهُ قرآنًا لكنَّ حُكْمَهُ بَاقٍ. فمن رَضَع مِن امرأةٍ(وهو دون الحولين) خمسَ رضَعاتٍ متَفرّقات حَرُم عليها ذلكَ الولَدُ وحَرُم على فروعِها وأصولها.س: هل القرآنُ الكريم الذي بَينَ أيْدِينا يتضَمّن الآياتِ المنسُوخةج: نعَم يتَضمَّن، نقرَؤها قراءةً على أنها قُرآن لكن العَملُ بها ارتَفع.-شُربُ الخَمر ما حُرّم قبلَ نزولِ قولِه تعالى “فاجْتنِبُوه” مع الآيةِ التّالية لهذه الجُملَة ((إنّما يُريدُ الشّيطانُ أن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَداوةَ والبَغضاء بالخَمر والمَيسِر ويَصُدّكُم عن ذِكْر الله وعن الصّلاةِ فهَل أنتُم مُنتَهُون)) قبلَ هذا كانَ غَيرَ محَرَّم لكن تلك الآية والتي في البقَرة تقدَّمت للتّحريم قوله: ((لا تَقربوا الصَّلاةَ وأَنتُم سُكَارَى)) وفي البقرة ((يَسألُونَك عن الخَمر والمَيسِر قل فيهِما “*أي الخمرُ والميسر*” إثمٌ كبِيرٌ ومَنافعُ للنّاس وإثمُهما أكبرُ مِن نَفعِهما)) هذا أيضًا ليس تحريمًا لأنّهم ظَلّوا يشربون بعدَها، كذلك بعدَ ((لا تَقرَبوا الصَّلاةَ وأَنتُم سُكَارى حتى تَعلَمُوا ما تَقُولُون))ظَلُّوا يَشرَبُون، وانقَطَعُوا عن شُربها لمّا نزَل فاجتَنِبُوه، هذا تَحريمٌ قَطْعِيّ،واللهُ تَعالى تسهيلا عليهم حتّى لا يكونَ علَيهم مَشقّة زائدة في الإقلاع من شُرب الخمر أنزَل التّحريمَ شَيئًا فشَيئًا.-معنى قوله تعالى: ((لا نُفَرّقُ بَينَ أحَدٍ مِن رسُلِه)) معناه أنّنا نؤمِنُ بجَميعِ الأنبياءِ لا نكذّبُ قِسْمًا ونؤمن بقِسم.