بعدَ الأنبياء أفضَلُ الخَلْق عندَ الله خَوَاصُّ الملائكة

Arabic Text By Aug 06, 2013


بعدَ الأنبياء أفضَلُ الخَلْق عندَ الله خَوَاصُّ الملائكة

قال شيخنا رحمه الله

الحمد لله ربّ العالمين له النِّعمة وله الفضل وله الثَّناء الحَسَن صلوات الله البرّ الرَّحيم والملائكة المقرّبين على سيّدنا محمَّد أشرف المرسلين وخاتم النبيّين وحبيب ربّ العالمين وقائد الغُر المحجَّلِين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، إذا ذُكِرَ أنبياءُ اللهِ يَنبَغي أن يُصَلَّى علَيهم ويُسَلَّم وإذا ذُكِر سيّدنا محمَّد فصُلِّي عليه وسُلِّمَ عليه فيَنبَغي أن يُتْبع الصَّلاةُ على النبيّ بالصَّلاة على إخوانه الأنبياء، هو رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم قال: “*إذا سَلَّمتم عليَّ فسَلِّموا على أنبياء الله فإنهم بُعِثُوا كما بُعِثتُ*رواه الديلمي”(وفي لفظ“صَلُّوا على النّبِيّيينَ إذا ذكَرتمُوني فإنّهُم قَد بُعِثُوا كمَا بُعِثتُ”رواه ابن عساكر(وكلُّ الأنبياء يَستَحقّونَ أن يُسَلَّمَ علَيهم ويُصَلَّى عليهم مِن آدمَ ومَن دُونَه، ثم الصّلاةُ على النبيّ فرضٌ لأنّ اللهَ تعالى قال ((يا أيّها الذين آمنوا صَلُّوا عليه وسَلِّمُوا تَسليمًا)) أمّا على غيرِ نبِيّنا محمَّد فليسَ فَرضًا إنّما هو سُنَّةٌ نَفل.ثمّ معنى الصّلاةِ على النّبيّ طَلَب التّعظيم مِن الله على نبيّنا محمَّد فإذا قالَ المسلِم اللَّهُمَّ صلّ على محمَّدٍ فمعناهُ اللهمّ عَظّم محمَّدًا أي زِدْهُ تعظيمًا وأمّا السَّلامُ فمعناهُ طلَبُ السَّلامةِ لهُ ممّا يتخَوّفُه على أُمَّتِه لأنّه رؤوفٌ رحيم يُهِمُّهُ أمرُ أُمَّتِه هذا معنى الصّلاةِ على النبيّ ومعنى السَّلام عليه.ثم إنّه إذا ذكِر النبي السَّلامُ عليه مطلوبٌ، وكذا الصّلاةُ عليهِ مَطلُوبَة لكن وجوبُها في الصّلوات الخمس فقط أمّا في غيرِ الصَّلوات الخمس سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ ولا سيّما عندَ سَمَاعِ ذِكْرِه.مَن سَمِع ذِكْرَ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلم فيتَأَكّدُ عليهِ مَسْنُونِيَّةُ الصّلاةِ عليه حتّى قالَ بعضُ الفقهاء إنّه يجبُ الصّلاةُ عليه في المجلس الذي ذُكِر فيه فإذا لم يُصَلّ الشَّخصُ عليه في ذلكَ المجلس ففارَق ذلك المجلس ولم يصلِّ عليهِ فإنّه مُذنِبٌ، هكذا قالَ بعضُ الفقهاء لكنَّ القولَ المعتَمَد القويّ هو أنَّه مَن صلَّى عليه في الصّلاة بالتّشهّد الأخير بعدَ التّحيّات يكفي ذلك والسَّلام عليه في أوّل التّحيات، أليسَ يقولُ المصلّي السَّلام عليكَ أيّها النّبي ورحمةُ الله وبركاتُه هذا يكون تطبِيقًا لقول الله تعالى ((وسَلّمُوا تَسلِيمًا)). وأمَّا الصّلاةُ عليه في عَقِب التّحيّات بعدَ قولِ أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمَّدًا رسولُ الله بعدَ ذلك فَرْض أن يُصلّى على النبيّ هذا القولُ المعتمَد أمّا الذي يُصلّي عليه في الصّلوات الخمس ولم يصَلِّ عليه في غيرِ ذلك ما عليه ذَنبٌ إن سَمِع ذِكرَه أو لم يسمَعْ ذِكْرَه ليسَ فَرضًا عليهِ إنما الفَرضُ في الصَّلواتِ الخَمس لكنّه مؤكَّدٌ تأكيدًا كبيرًا ويتَأكَّد ذلك يوم الجمعة أكثَر، الصلاةُ عليهِ يومَ الجمعة مؤكَّدٌ أكثَر، الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أكَّدَ أمر الصّلاة عليه يوم الجمعة أمرنا بالإكثار من الصّلاة عليه لأن يوم الجُمُعَة يومٌ عَظيمٌ فيه خلقَ اللهُ آدم والجنَّة، والقيامةُ تقومُ يومَ الجُمُعة ثم الصّلاة عليه صلَّى الله عليه وسلم في يوم الجمعة أكثَرُ ثوابًا مِنها في سائر الأيّام الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلام قال “*فأكثِرُوا منَ الصّلاةِ عَلَيَّ *” ذكَرَ الجُمعة فقال “*فأكثِرُوا منَ الصّلاةِ عَلَيَّ فيه*”.(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أفضلِ أيّامِكُم يَوم الجمعَة فيهِ خُلِق آدم ، وفيهِ قُبِض ، وفيه النّفخَة  ، وفيه الصّعقَة ، فأكثِروا منَ الصّلاةِ عليّ فيه ، فإنّ صلاتَكُم مَعرُوضَةٌ عليّ »رواه البيهقي)بَعد أن ذكَر أنّه مِن أفضل الأيّام وفَضلُه لأشياء منها أنّ اللهَ خَلَق آدمَ فيه، لأنّ بَدْءَ خَلق السّماوات والأرض وما بينَهما كان يومَ الأحد فتَمّ خَلْقُ الأراضي السّبْعَة في هَذين اليَومَين التّالِيَين وهما الثلاثاء والأربعاء ثمّ خلَق اللهُ مَرافِق الأرض التي هي تَسهيلٌ على البشر لِسُكْنَى هذه الأرض، أَجْرى في ذَيْنِك اليومَين أي الخميس والجمُعة الأنهارَ وأَنبَتَ الأشجار وخلَق غيرَ ذلكَ ممّا يَنتَفِعُ به البشَر ثم خلَق آدمَ آخِرَ الخَلق، يوم الجمعة آخرَ النَّهار خلَق اللهُ آدم ثم تُوُفّي آدمُ يومَ الجمُعة، ثم تكونُ النّفخَة يومَ الجمُعة، هيَ النفخَة نفخةُ إسرافيلَ، اللهُ تبَارك وتعالى وكّلَ إسرفيلَ بالنّفخ في الصّور فهو ينتَظِرُ أن يُؤمَر ليَنفُخَ فإذا نفَخ فنِيَ البَشَر والجِنُّ الذين على الأرض مِن هَوْلِ صَوتِه مِن شِدّةِ صَوتِه، البشَر الذينَ يكونون في ذلكَ الوقت على وجه الأرض والجنُّ يموتُون لذلكَ عَظّم اللهُ تعالى أمْرَ يوم الجمعَة، شأنُ يوم الجمعة عَظّمَه الله تعالى فهو سَيِّدُ الأيام وهو عِيدُ المسلمين، يومُ الجمعة عيدٌ للمسلِمين بعدَ العِيدَين عيد الفِطر وعيدِ الأضحىوإنما خلَق اللهُ تعالى ءادمَ آخرَ الخَلْقِ للإعلام ليُفْهِمَنا اللهُ تبارك وتعالى أنّ ما خلقَه قبلَ آدَم أقَلّ درجَة عندَ الله تعالى مِن آدم، كُلُّ الذينَ خلقَهُم الله قبلَ آدمَ هم أقلّ درجَةً مِن آدم، آدمُ أعلى مَرتبةً عندَ الله، كذلك سيّدُنا محمَّد أرسلَه الله تعالى بعدَ جميع الأنبياء بعدَما رُفع المسيح عيسى بسِتمائة سنةٍ تقريبًا أرسلَ الله محمَّدًا بالنّبوّة وجعَلَه رَسولا إلى الإنس والجِن إلى جميع الإنسِ والجنّ، إيْذَانٌ بأنّ سيّدنا محمَّدًا هو أفضَلهم جاءَ بعدَ جمِيعِهم كما أنّ آدمَ جاءَ بعدَ جميع الخَلق بعدَ خَلْق السّمٰاوات والأرض والملائكةِ والجِنّ والشّمس والقمر والجبال والبهائم والطّيور، بعدَ كلِّ هذا جاءَ آدم، هؤلاء خُلِقوا لآدم، لمّا خلَقَ اللهُ تعالى هذه الأرضَ خُلِقُوا لآدم وذُرّيتِه، لمنفَعةِ آدمَ وذُرّيته فهو أي آدمُ وإخوانه الأنبياء أفضلُ خَلق الله، الملائكةُ مع أنّهم أطوَلُ أعْمارًا وهم لا يعصُونَ اللهَ أحَدُهم مِن يوم خُلِق إلى أن يُنفَخ في الصُّور حَيٌّ يَعبُد اللهَ ولا يَفتُر عن ذِكْر الله تعالى لا يَتعَب، لأنهم لا يُحسُّون بتعَب مع ذلك آدمُ أفضَل منهم مع أنّه ما عاشَ في الدّنيا إلاّ ألفَ سنَة، ثم سيّدُنا محمَّد الذي لم يعِش في الدنيا إلاّ ثلاثة وسِتِّينَ سنةً أفضلُ مِن أولئك جِبريلَ وميكائيل وإسرفيلَ وعَزرائيل وحَمَلةِ العَرشِ الذينَ لا يَعلمٌ أحَدٌ مِن البشَر كَم عاشُوا منذُ خُلِقوا، ومع ذلك فهؤلاء الأنبياء الذين هم يأكلون ويَشربُون ويَنامُون الله تعالى فضَّلَهم، الله تعالى يَفعَلُ ما يُريد، هو فَضّل الأنبياءَ على الملائكة مع أنّ الملائكةَ أطولُ أعمارًا لا يَشغَلُهم عن طاعة الله أكلٌ ولا شربٌ فإنّهم لم يُحْوِجْهُم اللهُ إلى الأكلِ والشُّرب ما خَلقَ اللهُ فيهم حاجَةً ولا شَهوَةً للأكل والشُّرب، لم يَخلُق فيهم تعبًا مهما طَلَعَ أحدُهم إلى السّماوات السّبع لا يَتعَبُون، كلَّ يَوْمٍ يتَعاقَبُون فينا ملائكةٌ باللّيل وملائكةٌ بالنَّهار،(عن أبي هريرة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قاليتعاقبون فيكم ملائكة ٌ بالليل وملائكةٌ بالنّهار ويجتَمعونَ في صلاةِ العَصر وصلاةِ الفَجْر ثم يَعرُج الذينَ باتُوا فيكُم فيَسألُهُم – وهو أعلمُ بكم كيفَ تَركتُم عبادي فيقولونَ تَركناهم وهم يُصَلّون وأتَيناهُم وهم يُصَلّون”رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم) وهؤلاء الملائكة قِسمان قِسمٌ يصعَدُون مِن صلاةِ العَصر إلى صلاةِ الصّبح إلى مكانٍ أُمِروا بأن يَصعَدُوا إليه في ذلكَ الوقت، ومِن صلاةِ الصُّبح يَنـزلُون فيَظَلّون فينا أي في البشَر إلى صلاةِ العَصر ثم مِن صلاة العَصر يعودُ ويَنـزل أولئك ليَبِيْتُوا فِيْنَا(أي معنا)، والصّاعِدون (أي الذين يصعَدون عند العصر) ليَنـزلوا عندَ صلاةِ الفَجر، عندَ صلاةِ الصّبح مع كلّ هذا اللهُ تعالى فَضّل الأنبياء عليهم، مِن أجْل الأنبياء فُضِّل البشرُ على الملائكة، ثم بعدَ الأنبياء أفضَلُ الخَلْق عندَ الله خَوَاصُّ الملائكة أي المقدَّمُونَ فيهم كجِبريل هؤلاء أفضلُ الخَلق بَعدَ الأنبياء ثم بعدَ هؤلاء أفضلُ الخَلق عندَ الله أولياءُ البشر كأبي بكر وعمر وعثمانَ وعلي ومَن جاءَ بَعدَهم حتى أولياءُ عَصرنا هذا ومَن بَعدَ عَصرنا هذا الأولياءُ أفضلُ مِن عوامّ الملائكة، عوامُّ الملائكةِ همُ الطّبقَة الذين بعدَ الطّبَقةِ العُليا بعدَ جِبريلَ وميكائيل وإسرافيلَ وعزرائيل وحَمَلةِ العَرش، فلذلكَ لا يجُوز تحقيرُ ما عَظّم الله، يومُ الجمُعة يجبُ اعتقادُ فَضْله اعتقادُ مَزيّتهِ أي اعتقادُ أنّ لهُ مَزيّةً أي أن لهُ فَضلا فلا يجُوز الاستِخفافُ بهِ لأنّه مُعَظّم عندَ الله، اللهُ جعَلَه سيّدَ الأيّام فلا يجُوز أن يُستَهانَ بهذا اليوم الفاضِل المشَرّف، ثم إنّ اللهَ تَبارك وتعالى جعَل الأنبياءَ في الدّنيا لعُظْم فَضْلِهم على غَيرِهم أكثرَ النَّاس بلاءً ثم أكثرُ النَّاس بلاءً بعدَ الأنبياء الأولياء،