الحمد لله وصلى الله على رسول الله
الحديث الذي رواهُ الترمذيُّ وهو:” الرَّاحمُونَ يَرحمُهُم الرّحمنُ ارْحَموا مَنْ في الأرض يرحمْكُم من في السَّماءِ “، وفي روايةٍ أخرى ” يرحمْكُم أهلُ السّماءِ “.
والمقصود بأهل السَّماءِ: الملائكة، كما قال ذلك الحافظ العراقي في أماليه عَقِيبَ هذا الحديث.
الملائكة يرحمون من في الارض: اي ان الله يأمرهم بأن يستغفروا للمؤمنين (وهذه رحمة)، وينزلون لهم المطر وينفحوهم بنفحات خير ويمدوهم بمدد خير وبركة، ويحفظوهم على حَسَبِ ما يأمرهم الله تعالى. اهـ
قال الحافظ النووي ( 676): قال القاضي عياض المالكي (544): لا خِلافَ بين المسلمين قاطبةً فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أنّ الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى: ” أأمنتم من في السماء” ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم . اهـ
ذكره في كتابه صحيح مسلم بشرح النووي الجزء الخامس الطبعة الثانية لدار الكتب العلمية في الصيفة 22.
قال الامام القرطبي (671): في تفسيره في قول الله تعالى: ” أأمنتم من في السماء “: قيل هو إشارة إلى الملائكة، وقيل الى جبريل الموكل بالعذاب. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى: خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون.اهـ كتاب تفسير القرطبي المجلد 9 الجزء 18 طبع دار الكتب العلمية صحيفة 141.
قال الامام الرَّازيُّ (604) : واعلم أنّ المشبهة احتجوا على اثبات المكان لله تعالى بقوله: “أأمنتم من في السماء”. والجواب عنه أنّ هذه الاية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين لان كونه في السماء يقتضي كونَ السماء محيطة به من جميع الجوانب فيكون أصغر من السماء والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله شيئًا حقيرا بالنسبة للعرش وذلك باتفاق الاسلام محال، لانه تعالى قال:
” قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ”.
(سورة الأنعام الآية 12).
فلو كان اللهُ في السماء لوجب ان يكون مالكاً لنفسه وهذا محال، فعلمنا أنّ هذه الاية يجب صرفها عن ظاهرها الى التأويل.
كتاب التفسير الكبير( ج15 جزء30 ص61).
والله أعلم وأحكم