سئل شيخنا رحمه الله: يقولُ بعضُ الناس الأئمةُ الاثني عشَر مَعصُومُون.
فقال شيخنا رحمه الله: الاثنا عَشَر كلُّهم أكابر، كلّهُم أولياء، لكن ليسَ كمَا يقال إنهم أفضلُ مِن الأنبياء بعدَ سيّدنا محمّد، هذا غلط، الأنبياءُ هُم أفضَلُ خَلق الله على الإطلاق والمعروفُ مِن بينهم بالشّهرة الكبرى والذي هم دونَ ذلك كيونُس ابن متّى، كلّ واحِدٍ منهُم أفضلُ مِن أيّ وليّ.
الشّيعة فيما بينهُم اختَلفُوا، شِيعةُ اليمَن الزّيدية يقولونَ أفضَل أولاد زين العابدين ابنُه زَيد، لذلك يقال لهم الزّيدية أمّا الإماميّة الإثنا عشَريّة قالوا أفضَلُ أولادِ زَين العابدين محمّد الباقر، هؤلاء فَضّلوا محمّد الباقر وهؤلاء فضّلوا زَيدًا وهما ابنا زَين العابدِين كلاهما، نحنُ نقُول الذي هو عندَ الله أفضلُ فهوَ الأفضلُ، كلاهما مِن أهلِ الفَضل، هؤلاء الإثنا عشَر ليسُوا معصومينَ مِنَ المعاصي، إبراهيم عليه السلام يقولُ ما أخبرَنا اللهُ عنه في القرآن:” والذي أطمعُ أن يغفِرَ لي خطيئتي يومَ الدّين” إذا كانَ إبراهيمُ الذي هو أفضلُ الأنبياء بعدَ محمّد يَعتَرفُ بالخطيئة فكيفَ نَقولُ عن أبي بَكر أو عمرَ أو عثمان أو عليّ أو الحسَن والحسين أو جعفر وزَين العابدِين ونحوهم لا يصدُر منهم ذَنبٌ بالمرّة، إذا كانَ إبراهيمُ اعتَرف على نفسِه بالذّنب، والله تعالى يقولُ في القرآن الكريم لسيّدنا محمد:” واستغفِر لذَنبِك وللمؤمنين والمؤمنات” فكيفَ نقُول إنّ هؤلاء الأئمّة الإثني عشَر مَعصُومُونَ أي لا يَصدُر منهُم ذَنب لا صغير ولا كبير، ما قالَ هذا سيدُنا عليّ ولا أحَدٌ مِن أولاده، سيدُنا عليّ ما قال هذا عن نفسِه بل قال خلافَ هذا يومَ جاؤوا الناس الذينَ عبَدُوه في حياتِه لما كان هوَ بالكوفة في العِراق في خِلافتِه جاء إليه أناسٌ فقالوا يا أمير المؤمنين إنّ هَهُنا أُناسًا يَعبُدونَكَ فقال ائتُوا بهم فأحضَرُوهُم فقال ماذا تقولونَ فقالوا أنتَ رَبُّنا وخَالقُنا ورازقُنا فقال لهم ويْلَكم إنما أنا عَبدٌ مِثلُكم، آكُل الطّعامَ كما تأكلونَ وأَشرَبُ كما تَشرَبون وإني إنْ أطَعتُه أثابَني إنْ شاءَ وإنْ عصَيتُه خشِيتُ عِقابَهُ لئنْ لم تَرجِعُوا لأقتُلَنّكُم ثم تَركَهُم ثم طلبَهُم في اليوم الثاني فحضَرُوا فأعَادُوا مقَالَتَهُم ثم هدّدَهُم بالتّهديد الأوّل ثم استَدعاهُم في اليوم الثّالث فأعادُوا مقالتَهُم وأبَوا أن يرجِعُوا عن مقَالَتِهمُ التي قالُوها قال لهم لأقتُلنّكُم بأخبَثِ قِتْلةٍَ فأَمَر أن يُحفَرَ لهم أُخدُود، ساقِية، فوُضِعَ فيها الحطَبُ وأضرمَ نارًا ثم رمَاهُم فيها وهم أحياء، وسبَق أيضًا أنّ أناسًا غَيرَ هؤلاء لكنّهم أمثالُ هؤلاء عبَدُوه، أولئك قتلَهُم ثم صلَبهُم أمّا هؤلاء رماهُم في النار أحياء وقالَ في ذلكَ بيت شعر:
إنّي إذا رأيتُ أمرًا مُنكَرًا أجَّجْتُ نَارِي ودَعَوتُ قَنْبرا
فقال عبدُ الله بنُ عباس ابنُ عمّ الرسول وابنُ عمّ عليّ قال لو كنتُ أنا ما أحرَقتُهم ولقتَلْتُهم لأنه لا يُعذّبُ بالنار إلا ربُّها لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم”لا يُعذّبُ بالنارِ إلا رَبُّها”فبَلَغ كلامُ عبد الله بنِ عباس علِيًّا فما بالَى بهِ لأنّهُ اعتمَد على حسَبِ اجتِهادِه على دليلٍ شَرعيّ، رأى أنّ هؤلاء إذا لم يَفعَل بهم إلا مجرّدَ القتل لا يكونُ بلِيغًا في “التحذير” إلا هذه الطّريقة أي يُقتَلُوا بالرّمي في النار، فما فعلَه سيدنا عليّ جائزٌ لأنّه فعَلَه لمصلحة شرعيّة.
س:
ج: محمد الحُجّة بن الحسَن العسكري الشِّيعة يقولون عنه هو المهديّ المنتَظَر مختفى، يقولونَ ذلك وقَد مضى عليه ألفٌ ومائتا سنة، ليس هذا المهديّ، المهديّ الله أعلمُ متى يَظهَر، هوَ مِن أُمّة محمد مِن ذُريّة الحسَنِ أو الحسين لا نَدرِي متى تاريخ وِلادتِه ومتى تاريخُ ظهُوره، ولكنّه ليس محمد بن الحسن.
س: ما الدليلُ على ذلك.
ج: لو كان هو لا يَصبِرُ، لماذا يَصبِرُ وأُمّة محمد تُقاسِي هذه البلايا، لماذا يسكُت عن الخروج لإنقاذِهم، هذا دليلٌ ،ثم هناك دليلٌ آخرُ الرّسولُ قال عن المهدي “يُواطِىء أسمُه اسمي واسمُ أبيهِ اسمَ أبي”رواه الحاكم، هذا اسمُ المهديّ، لا يكونُ إلا محمدَ بنَ عبدِ الله.
المهديّ الله يُهَيّءُ لهُ أسبابَ الحُكم، نَرجُو مِنَ الله أن يكونَ ظهُوره قَريبًا.
واحد من أهل السنة يقال له قاسم الرفاعي سألَ واحدًا مِنَ الشِّيعَة قالَ لهُ صحيحٌ أنّ عمر بنَ الخطّاب تزَوّج أم كلثوم بنت عليّ فأطرق رأسَه ثم قال صحيح لكن ما كانَ يجامعُها كانت تأتيْه جِنّية بصُورتها، قال هذا لأنّهُ إن قالَ ما تزَوّجَها التاريخ يُكذِّبُه، التاريخ الذي ألّفَه علماءُ الشِّيعَة والتاريخ الذي ألّفَه علماءُ السّنة يُكذّبه، ولكنّه مِن شِدّة عنادِه فكّر في هذه الكَذبَة، استَخرج هذه الكَذبَة لسَاعتِه فقال هوَ ما كان يجامعُها كانت تأتيْه جِنّية، هوَ حضَره؟ هوَ كانَ معَهُ؟(وهل يقولون عن بنت علي أم كلثوم إنها كانت زانية لأنها ولدت زيدا أم ماذا)
س: هل كان في قديم الزمان سُني وشِيعي.
ج: لا، الشِّيعة حدَثت لما انقَلَب بعضُ الناسِ على سيدِنا عليّ في العراق، لما أخَذَ الخِلافة وبايَعَه المسلمونَ وهوَ بالمدينة ثم ذهَب إلى العِراق ثم نكَسَ العَهدَ عليهِ بعضُ المسلمين، بعدَ أن بايَعُوه بالمدينة جاؤوا بمعسكرٍ مُضادٍّ لمعسكَرِه، هؤلاء يقال لهم أصحابُ وَقْعةِ الجمل، كذلك بعدَ ذلك جماعةُ مُعاوية عصَوه، بعضُ المسلمين لما رأَوا هذا التّمرد على سيدنا عليّ تحزّبوا، ما تحَزّبُوا تحزُّبًا صافيًا خالصًا، لا، تحزَّبُوا فصارُوا يَطعنُون في أناسٍ لم يكن بينَهُم وبينَ سيّدِنا عليّ عَداوةٌ، صاروا يَطعنُون في هذا وهذا، بدَل أن يقولُوا قولَ الحق وهوَ أن هؤلاء الذين تمرّدوا عليهِ ظلَمُوا في الوقعةِ الأُولى والثانية والثالثة، في المعارِك الثلاثةِ، فسيِّدنا عليّ ما حارَب الكفارَ الذين لا ينتسبونَ إلى الإسلام لأنّ هؤلاء المنتسبينَ إلى الإسلام شغَلُوه عن محاربةِ الكفّار، عثمان بنُ عفّان فتَح بُلدانًا كثيرةً عديدةً وسيّدُنا عمر كذلك، سيدُنا عمر فتَح إيران والعراق ومِصر، ثم سيدُنا عثمان زادَ توَغّلَ في بلاد فارس أخذَ بُلدانًا لم يَفتَحْها عمر وأخَذ أفريْقِيا والقَيْرَوان والأندلس وما يلِيها، وطَنجا والمغربِ الأقصى والمغربِ العَربي هوَ فتَحَه، أمّا سيّدنا عليّ شُغِل بوقعةِ الجمَل ثم بعدَ أن انتهَى منها بوقعةِ صِفّين ثم بعدَ أن انتهَى منها بوقعةِ النّهروان، الله تعالى يَرضَى عنهُم جميعًا.