من أحبَّ أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ فليقرأ إذا الشَّمسُ كوِّرت

Arabic Text By Aug 05, 2013

من أحبَّ أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ فليقرأ إذا الشَّمسُ كوِّرت



روى الحاكم من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {من أحبَّ أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ فليقرأ إذا الشَّمسُ كوِّرت}. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم  * إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ *

أي إذا جُمِعَ بعض الشمس إلى بعض ثم رُميت فذهب ضوؤها، وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت، وإذا الجبال سُيرت أي قُلعت من الأرض ثم سُويت بها كما خُلقت أول مرة ليس عليها جبل ولا فيها وادٍ، وإذا العِشارُ أي النوق الحوامل تُرِكَتْ بلا راعٍ وبلا حالب لِما دهاهم من أمور الآخرة، وإذا الوحوش جُمعت بعد البعث ليُقتصَّ من بعضها لبعضٍ وتصيرَ بعد ذلك ترابًا إظهارًا لعدل الله إذ لا تكليف على البهائم، وإذا البحارُ سُجّرت أي أوقدتْ فاشتعلتْ نارًا * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * أي قُرِنَتْ بأشكالها، الصالحُ مع الصالح في الجنة، والفاجرُ مع الفاجر في النار* وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * والموؤودة هيَ البنت تُدْفَن وهي حَيَّةٌ، وكان هذا من فعل الجاهلية، فكان الرجل في الجاهلية في أحيانٍ كثيرةٍ إذا ولدت امرأته بنتًا دفنها حية، إما خوفًا من السبي والاسترقاق وإما خشية الفقر والإملاق، وسؤالُها توبيخٌ لوائدها، وجوابُها أن تقول: بلا ذنبٍ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * أي صحف الأعمال التي كَتبتْ فيها الملائكةُ ما فعل أهلها من خير أو شر تُنشر يوم القيامة ليقرأ كلُّ إنسانٍ كتابه.

روى ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يُدْعَى أَحَدُهُمْ، فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَيُبَيَّضُ وَجْهُهُ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلَأْلَأُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي هَذَا حَتَّى يَأْتِيَهُمْ، فَيَقُولُ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا }

يقول الله تعالى * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَءوا كِتَابِيَهْ *

فإعطاء الكتاب باليمين إخوةَ الإيمان دليل على النجاة، والمؤمن لما يعلم أنه من الناجين ويبلغ بذلك غاية عظيمة من السرور بإعطاء كتابه بيمينه يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا له.  اللهم اجعلنا من الناجين في ذلك اليوم يا رب العالمين. فالذي أُعطى كتابه بيمينه هو في عيشة راضية مرضية وذلك بأنه لقى الثواب وأمن من العقاب.

وأمّا مَنْ كانَ مِنَ الخاسرينَ الهالكين يوم الدين فحالُهُ كما قال ربُّنا عزَّ وجلَّ في كتابَهَ العزيز* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ *

إخوة الإيمان، إنَّ مَن أعطى كتاب أعماله بشماله يجد سوء عاقبته التي كُشف عنها الغطاء فيتمنى لو أنه لم يُؤتَ كتابه لِمَا يرى فيه من قبائح أفعاله، يتمنى لو أن الله لم يبعثه للسؤال فيقول * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * قال البخاري:القاضية الـمَوَتَةَ الأُولى التي مُتُّهَا لَمْ أُحْيَ بَعْدَها* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * فمالُهُ الذي كان في الدنيا يملكه لا يدفع عنه من عذاب الله شيئًا وسلطانه أي ملكه وقوّته الذي كان له في الدنيا زال عنه * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* أي خذوه واجمعوا يده إلى عنقه مقيَّدا بالأغلال وأدخلوه واغمروه في نار جهنم * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * قيل: تدخل من فمه سلسلة عظيمة جدا طولها سبعون ذراعًا وتخرج من دبره. اللهم أجرنا من عذابك يا رب العالمين.

وما هو سبب العذاب للكافر * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * فالكفر موجب للعذاب أي لمن مات عليه بل هو موجب للعذاب الأبدي الذي لا نهاية له .

فقد روى مسلم في صحيحه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارَ عَذَابًا: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لاَ تُشْرِكَ، فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ“.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وأخرجنا من هذه الدنيا على كامل الإيمان وقنا عذابك يوم تبعث عبادك يا رب العالمين بِرحمتك يا أرحم الرّاحمين.

هذا وأستغفر الله لي ولكم.